فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
الرئيسية > كتاب الاثنينية > ديوان قوس قزح > 3- المراثـي: > - فأيّ أضحى سنلقى؟
فأي أضحى سنلقى وأنت بين الضحايا؟ كان لأخينا الأستاذ السيد نهاد القاسم بنت في سن اليفوعة اسمها "ريمة"، وكان هو وأمها ولوعين بها أشد الولوع. فأصيبت بالتهاب الزائدة المعوية بصورة مفاجئة حادة قضت على حياتها في يوم وليلة وكان ذلك في شهر ذي الحجة قبيل عيد الأضحى من سنة/ 1363هـ= شهر تشرين الثاني/1944م وهي أول سنة من مجيئي إلى دمشق أستاذاً في كلية الحقوق من الجامعة السورية وقد كان توفي لهما قبلها طفل اسمه مروان. وقد أخذ الحزن به وبزوجه مأخذه على فقد ابنتهما، ورغب إليَّ في أيام التعزية أن أصنع قصيدة على لسانه تتضمن مناجاة لابنته الفقيدة، وإعراباً عن مشاعره ومشاعر والدتها، فصغت في ذلك القصيدة التالية وقدمتها إليه، فكانت ترنيمته الدائمة إلى أن رزقهما الله تعالى خلفاً عنها بنتاً أسمياها ناهدة: يا ريمتـي يـا مُنـايـا ما أنصفتْـكِ المَنـايـا يـذوب بَعـدَك قلبـي إذا رأيـت الصّبـايـا مـاذا تُجِـنّ ضلـوعي مـن لوعـتي وجَـوايـا؟ هـل للمصـائـب أُذْن تصغـي إلـى نَجْـوايـا مـا ثـأرهـا مـن فـؤادي حتـى استبـاحـت حمـايـا؟ أودتْ بمـروان طفـلاً مـذ ثـار فيـه هـوايـا مـا كـاد يُفْـرخ رُوعـي ومـا رقَـتْ مقلتـايـا حتـى رمتـكِ بسهـم وافـاك ضمـنَ حَشـايـا دهَتـك والعيـد لاحـتْ أنـواره للبـرايـا فـأيّ أضحـى سنلقـى وأنـت بيـن الضحـايـا؟! * * * يـا ريمتـي، مَـن لأمٍّ تركتِهـا كاليتـامـى؟ ربّتـكِ حتـى إذا مـا أصبحـتِ مثـل الخُـزامـى هبّـت عليـك سَمُـوم سقتـك مـوتـاً زؤامـا!! مـا أشفقـتْ لأريـجٍ منـك انتشـى وتسـامـى ولا رَثَــتْ لفــؤاد لـلأمّ بـات ضـرامـا تَطـوي عليـه ضلـوعـاً قـد أوشكـت تتـرامـى يـا ريـم، أيـن دلالٌ يصيـح (بـابـا) و (مـامـا)؟ يـا ريـم، أيـن ابتسـام يغـذو حيـاتـي ابتسـامـا؟ عصفـورتـي مَـن لأذنٍ تسقينهـا أنغـامـا؟ حَمـامـةُ الأُنـس لاقـت -يا ويل قلبـي- الحِمـامـا * * * حبيـبَ قلبـي أعيـدي علـى أبيـك الوداعـا فمِـن يـديـه لقـبرٍ قـد انتُـزعـت انتـزاعـا ومــا تَمَــلاّك إلاَّ قبـل اختطـافـك سـاعـا كنـتِ انتعـاشـاً لنفسـي وللعيـون شعـاعـا وسلـوتـي مـن همـومـي إذْ أبتغيـك سَمـاعـا قـد أعجلَتْـكِ شَعُـوبٌ وأورثَتْنـا انصـداعـا (1) أبيـنَ ضِحْـك وهُلْـك يـومٌ يمـرّ صِـراعـا؟! مـا أوعـظ المـوتَ فينـا لـو نحسـن الاستمـاعـا يـا ويحنـا قـد غفلنـا ولـم نـزل نتـداعـى سفينـة العمـر ضلّـت والمـوج هـدّ الشـراعـا دمشق، في 3 ذي الحجة سنة 1363هـ = 18 تشرين الثاني 1944م   [1] شعوبُ: اسم علم للمنيّة والموت.
طباعة تعليق  القراءات :2201  التعليقات :0
صفحة 20 من 56

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج