شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > ديوان قوس قزح > 3- المراثـي: > - رثاء الملك فيصل الأول ملك العراق
 
رثاء الملك فيصل الأول ابن الحسين
ملك العراق، رحمه الله
ذكَرْتـكَ سوريَـةٌ فسـالـتْ أدمعـاً
وبكتـْك أَغـوارٌ بهـا وهضـاب
ألقيتها في حفلة تأبينه التي أقيمت في مدينة حلب الشهباء وحضر إليها وفود من البلاد العربية، كما ألقى فيها الشاعر الشاب النابغ عمر أبو ريشة قصيدة، والأستاذ حليم دموس من لبنان قصيدة أخرى، وذلك في اليوم الثامن من تشرين الأول/ 1933م، سنة تخرجي من كلية الحقوق وكلية الآداب من الجامعة السورية (1) .
سُبُـل المعـالي فـي الأنـام صِعـابُ
إن رُمْتَهـا مشيـاً فهـنّ عِقـابُ (2)
فمن العـزائـم صُغْ جَنـاحيْ جـارحٍ
كيمـا تطيـر لهـا وأنـت عُقـابُ
فكـم اشتهـاها طـامحون فأَيْـأَسـتْ
وسعـى إليهـا طـامعـون فخـابـوا
ضَلُّـوا السبيـلَ وأخطؤوا منهـاجَهـا
فـي سعيهـم، ولكل شـيء بـابُ
كـم مـدَّ قوم للـرؤوس أكُفَّهـم
فـأتـوا ومـلء أكفِّهـم أذنـابُ!
ولكـل أمـرٍ عُـدّة مِـن دونهـا
فَشَـلٌ، وخُسْـر الجـاهليـن عِقـابُ
* * *
مـا المـرء إلاَّ كـالشُّجَيْـرة، عـودُه
يفنـى، وأمـا فعلـه فكتـابُ
خـير الرُّثـاة لـه لسـانُ فَعَـالـه
لا أدمـعٌ بـدم العيـون تُشـابُ
* * *
يـا فيصـلٌ، يا ابـن الحسيـن، ويا أبا
غـازٍ، وأنـت السـامـع الأوّابُ
لا أستهـلُّ بـك القريـضَ مؤبِّنـاً
أبـداً، وليسـت أدمعـي تنسـابُ
إنـي أُجلُّـك أن تكـون مؤبَّنـا
إن المـؤبـن مَـن طـواه ذهـابُ
آيـاتُ خُلـدك لـن تـزال جـديدة
تنـدى بـلاغتُهـا، ولا مـرتـابُ!!
أنَّـى لجـرح العُـرْب مثلَك ضـامـدٌ
أو مثـلَ رأيك فـي الدُّجُـنِّ شِهـابُ!
أو مثـلَ حِكْمتـك الرفيقة سـائـس
أو مثلَ حُكمك فـي الأمـور صـوابُ؟
* * *
أدركـتَ أن العُـرْب في خَطَرٍ غـدت
مثـل القطيـع عَـدَتْ علـيه ذئـابُ
يمشـي إليـها الهُـون وهـي كريمـة
ويُـذيلهـا فـي دارهـا الأَوشـابُ (3)
ففَجَـرْتَ بُـرْكان الصـدور بثـورةٍ
وجَـرَتْ تُقِلُّـك للعـراك عِـرابُ
وأَهَبْـتَ في وجـه الحُشـود منـاديـاً
فانـزاح ظلـمٌ، وانتفـى بـك عـابُ
حتـى أعدتَ كـرامـةً مهضـومـةً
وتكسَّـرتْ مـن آكـلٍ أنيـابُ
ورفعـتَ شـأنـاً للعروبـة مُنْشِئـاً
مجـداً جديـداً حفَّـه الإعجـابُ
* * *
سُسْـتَ العـراقَ لهم سيـاسةَ حـاذقٍ
لا يَحجُـب الأشيـاءَ عنـه حجـابُ
طَـبٍّ يَـرُدُّ الخَـبَّ (4) أخيبَ كلمـا
وَلَـجَ المكـائـدَ صـدّه بَوّابُ
قُطْـرٌ رجعـتَ بـه رجـوعَ تقـدُّمٍ
فسمـا، وقـد يُنسـي الغيـابَ إيـابُ
فكـأنمـا عصـر الرشيـد محجَّـلاً
بـَرَزَتْ بـه الآمـال وهـي شبـابُ
فغـدتْ تَميس علـى جـوانبه العُـلا
ويَفيـض منـه العلـمُ والآدابُ
أدمجـتَ فيـه سيـاسـةً بكيـاسـةٍ
وهْـي السيـاسـة كلهـا أبـوابُ!!
مـا كلُّ مـن سـاس الأمور بسـائسٍ
كَـلاَّ، ولا كـلُّ الميـاه عِـذابُ
فمِـن السحـائـب رحمـة مَنثـورة
بَـرَكـاتُها، ومـن السَّحـاب عَـذابُ
ولقد صبـرتَ على الخُطوب ورُزْتَهـا (5)
فكـأنمـا تلـك الخُطـوب خِطـابُ
وثَبَـتْ عليـك النـائبـات، وإنهـا
نَمِـرٌ علـى أعدائـه وثّـابُ
قصـدَتْـك من كل الجهات كـأنهـا
هُـوج الصـواعـقِ زَجَّهـنّ سَحـابُ
تـرمـي عليـك شَـرَارَهـا فكأنمـا
يلقـاه منـك متـى رَمَتْه عُبـابُ
فجـواب مُدْمِيـة المصـائـب بَسْمـةٌ
لا جـازعٌ منهـا ولا هيّـابُ
فالقلـب منـك دمٌ يسيـل تحسُّـراً
من وقعهـا، والوجه منـك شـرابُ!!
* * *
وعكستَ معنـى المُلْك في نظـر المَـلاَ
حتـى غـدا والأمر فيـه عُجـابُ
فـالمُلك معنـاه القديم لـدى الـورى
بَذَخ وأُبَّهـة لهـا أطنـابُ
أو راحـةٌ رَحْـراحةٌ مَعْسـولـة الأقـ
ـداح، لا صـابٌ، ولا أَوْصـابُ (6)
ما زلـتَ تسعـى جـاهداً ومُجاهـداً
لـم تُلهـك الأحسـاب والأنسـابُ
ذُدْتَ الكـرى مـن مقلتيـك بصـارم
عَضْبٍ رهيـب نصلُـه الأهـدابُ
حتـى قلبـتَ مـن الأنام ظنـونَهـم
فـي اسـمٍ ومعنـىً لفظُـه خلاّبُ
فاليـوم عندهـمُ المليـك مجـاهـد
والمُلـك حشْـوُ حـروفـه أتعـابُ
ذكـرتْكَ سُـوريَـةٌ فسـالت أدمعـاً
وبكتـكَ أغـوارٌ بهـا وهضـابُ
حنَّـتْ لعهـدك فاعتـرتْهـا هِـزّة
وعـلا لـزَفْـرتهـا عليـه ضَبـاب
عهـدٌ أدام بهـا الربيـعَ، وبَعـده
عـمَّ البَـوار، وقبلـه الإِجـدابُ (7)
عهـدٌ رَبَـتْ فيـه الحيـاة وأثمـرتْ
فيـه الأمـاني، والْتقـى الأحبـابُ
لـم يَهْنِهـا منـك اللقـاءُ وقد أتـى
نعمـى، ولا ضـمَّ الحسـامَ قِـرابُ
حتى رمـاهـا الـدهر منك بفـرقـةٍ
وتقطَّعـتْ بـرجـائهـا الأسبـابُ
تَعْطـو إليـك فتعتلـي حَسَـراتهـا
لا راحـمٌ فيهـا ولا رآّبُ (8)
عـاث الفرنسيس اللئـام بـأرضهـا
واشتـدَّ فيهـا ظُفْـرُهـم والنـابُ
فرضَـتْ عليـهـا الانتدابَ عصابـةُ
المستعمريـن وسـادهـا الإرهـابُ
حكمـتْ عليهـا بالخراب سـياسـة
للظـالميـن، وحكمهـا غـلاّبُ
فهـي اليتيمـة لا يُقَـرُّ بـرشـدهـا،
ويُعـاب منهـا الحسْـنُ وهْي كَعَـابُ (9)
* * *
يـا صفـوةَ العَـرَب الـذي لمعتْ بـه
غُـرُّ الصفـات كـأنهـا الزِّرْيـابُ (10)
وبـدتْ بـه للنـاظريـن شمـائـلٌ
ومـواهـبٌ، فتبـارك الوهـابُ!!
أَودى بـك الإخلاصُ حيـن خطبتَـه
ومـن المهـور مهـالـكٌ وتَبَـابُ (11)
خيـر القـواتل للفتـى إخـلاصـه،
هـذا الذي ازدانـت بـه الأحسـابُ
عرفَـتْ بك العربُ الطريقَ وقـادهـا،
مـن بعـد تِيهٍ، عزمُـك المِحْـرابُ
خلّفـت فيهـم غـازيـاً فغَزَوْا بـه
فَرَحَ العـدوّ، فلا هَنَـاه مُصـابُ
فعزاؤهـم مـن وجـه نجلـك طلعـةٌ
طَلَعـتْ، بهـا الآمـالُ والآرابُ
ليـثٌ تلـوح عليه منـك مَخَـائـل
ومنـاقـبٌ يسمـو بهـا الإنجـابُ (12)
فلئـن أقـام اليـوم فَقـدُك مـأتمـاً
فقد ازدهـى بالشبـل منـك الغـابُ
حلب، 19 من جمادى الآخرة 1352هـ = 8 من تشرين الأول1933م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1434  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[حياته وآثاره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج