شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( فتح باب الحوار ))
افتتح باب الحوار بسؤال من السيد علي المنقري هو:
- كيف يمكن التوفيق بين الشريعة الإسلامية الغراء وبين القوانين الوضعية الدخيلة على بعض الدول الإسلامية، فيما يردكم من أسئلة ومواضيع تحتاج إلى فتوى، وخاصة فيما يتعلق بفقه المعاملات والأحوال الشخصية؟
وأجاب فضيلة المحتفى به قائلاً:
- شكراً للأستاذ علي المنقري على هذا السؤال الطريف والعميق، والَّذي يثير إحدى مشاكل العالم الإسلامي.
- لقد أشرت في كلمتي التي توجهت بها إليكم، أنَّ البلاد الإفريقية - وإذا قيل إفريقية تعني تونس في القديم - ما عرفت نفسها إلاَّ مغزوة من طرف روما ومن طرف الشمال؛ فلما أكرمها الله بهذا الدين اكتسبت فيما اكتسبت إدراكاً أعمق بمعنى كلمة التوحيد، فتحولت الذلة والتبعية إلى عزة، واستطاع المسلمون أن يتحدّوا روما في قوتها وعظمتها، وأن تصل خيولهم إلى عاصمتها؛ فإذَنْ التحول هو تحول ذاتي في الإنسان، يوم يشعر بأنَّه عزيز وتذوب عقدة النقص التي عنده؛ فذهاب عقدة النقص التي بلينا بها هي التي ورثت في كثير من أنحاء العالم الإسلامي التقليد، الَّذي هو عبارة عن موت الفكر، وإذا قلنا مات الفكر، وماتت الجدة، ومات الاجتهاد، فمعنى ذلك أنَّ الإنسان ترك لغيره مقوداً لا قيمة له وأنَّ القيمة للمقلد؛ فالتحولات العصرية التي نشاهدها ما ضاق كتاب الله ولا تشريعه عن إعطاء حلول تضمن أمرين، تضمن الالتزام بشرع الله، وتضمن - أيضاً - الرقي والتطور.
 
- فالقضية ليست في الإسلام، ولكن القضية في المسلمين، متى يصل المسلمون إلى إدراك هذه الحقيقة، وهي أنَّ هذا الدين يستطيع أن يوفق بين مطالب الدنيا ومطالب الآخرة، خاصة ومن أكبر ما ابتلي به العالم الإسلامي أنَّه وقعت إسقاطات على الإسلام من المسيحية، المسيحية في مبدئها دين يفصل الدنيا عن الآخرة، والإسلام في جوهره دين يجمع بين الدنيا والآخرة، فلا أجدُ ولم أجدْ في يوم من الأيام قضية من القضايا - إذا أراد المسلم فعلاً أن يلتزم بدينه - أنها تعطل تطوره أو تعطل نموه، لحد الآن ما استطاعت أوروبا أن تنهض إلاَّ يوم فصلت الدين عرق الحياة، وإلاَّ يوم فصلت الدولة عن الدين، وأخذ كل واحد منهم يسير في طريقه، وما انهزم المسلمون إلاَّ يوم فصلوا الدنيا عن الدين وأرادوا أن يسيروا بدنياهم بعيدة عن دينهم؛ وشكراً.
 
أما سؤال الأستاذ طلعت محمد نور عبد الغفور عطار فكان:
- ما هو رأيكم في ظاهرة التطرف الموجودة حالياً في دول المغرب العربي، وبالأخص في الجزائر بلد المليون شهيد؟
وأجاب الضيف بقوله:
- هذا سؤال فيه جوانب سياسية، كلمة تطرف ما معناها؟ كلمة تطرف أصبحت تطلق على التطرف الحق وتطلق - أيضاً - ظلماً وباطلاً على الاعتدال.. فإذا أخذنا التطرف على معنى أحكام يصدرها أشخاص في بيوتهم ثم ينفذونها على عباد الله، فهذا تطرف لا يقره الإسلام ولا يرضاه؛ يجتمع أربعة أو خمسة أو أقل أو أكثر فيحكمون على فلان بأنه خائن، وأنه يجب أن يُقتل، ويُقتل، ما جاء شرع الله بهذا؛ أو أطلقت كلمة تطرف - أيضاً - على الاعتدال، وخاصةً من الَّذين تحللوا من الَّذين يهددون كل ملتزم بالخلق الإسلامي، وبالمنهج الإسلامي، وبالاستقامة في حياته، يعتبرونه متطرفاً؛ فبعضهم يعتبر أنَّ من يصلي دائماً صلاته في أوقاتها متطرفاً، وبعضهم يعتبر أن المرأة إذا كانت محتشمة فى سيرها فهي امرأة متطرفة.. فما هو التطرف؟
 
- التطرف هذا أمر جاءنا من الغرب وهو الَّذي أثاره، وفي الغرب التطرف أكثر مما عندنا، كلنا شاهدنا جماعات الحاخامات التي تأتي من أميركا إلى إسرائيل، والشعور المفتولة وكلامهم والَّذي قتل أربعين وهم يصلون، ما رأينا وما سمعنا أن هذا تطرف إسرائيلي، قالوا هو رجل مختل الأعصاب وقام بهذا العمل منفرداً، وما سمعنا لا في صحافتنا حديثاً عن التطرف الإسرائيلي أو عن التطرف المسيحي؛ لا بد أن يكون عندنا من القوة والعزة والإيمان بأنفسنا ما يجعلنا نعطي للتطرف مفهوماً، ثم نسلطه على كل متطرف، سواء أكان مدعياً أنه مسلم، أم كان نصرانياً، أو كان يهودياً.
- هذا أولاً كمعنى التطرف في نظري، أما أسبابه.. عندما نقول أسباب التطرف إذا وقعت هؤلاء الَّذين يخرجون عن الحدود ويقتلون الناس بغير حق، أقول إن قتل الناس بغير حق سواء أكان من السلطة الحاكمة أو من الشعب، فهو شيء واحد، هي عملة ذات وجهين، فكما لا أقبل أن يطلق شرطي النار على شخص فيرديه قتيلاً وإن انتسب إلى قوة الدولة، لا أقول أدين بنفس القوة الشخص الَّذي يقتل آخر باتهامه بالخيانة والكذب.
- ففي الحقيقة أنه أصبحت ضبابية في الرؤية وهو أمر يؤسف له، خاصةً عندما تكرر وسائل الإعلام التطرف الإسلامي، فإذا قيل تطرف.. فلا يقال إسلامياً، لأنه لا يمكن أن يكون الدين الَّذي جاء بالوسطية متطرفاً في آن واحد، فلا يوجد عندي في نفسي تطرف إسلامي أصلاً، ولكن يوجد متطرفون؛ وأسأل: جماعة المافيا في إيطاليا أي وسيلة إعلام عربية إسلامية قالت إنهم متطرفون؟ أنا ما سمعت وما رأيت.. فهؤلاء الَّذين يقتلون البشر لأجل المال فقط وليفسدوا البشر؛ وأصبحت المحاكم تظهر كل يوم ضلوع هذه الطائفة في إفساد الحكومات المتتالية في إيطاليا، ثم في بريطانيا، ثم في فرنسا؛ وما سمعنا أن هؤلاء متطرفون، ثم إنه يقال تطرف إسلامي.
- أنا أعطي مقارنة: جاءتني جريدة الفيجارو منذ سنتين في قضية البوسنة والهرسك، وقال لي ما هو موقف الصرب والمسلمين؟ قلت: نقول إنها حرب دينية. فلماذا يجعلون المعادلة صرب وإسلام؟ المسلمون هم من نفس السلالة التي منها الصرب، فالإسلام ليس جنساً؛ قولوا إسلاماً ومسيحية؛ وهذه هي الحقيقة، وما سكت الغرب اليوم عن المذابح التي وقعت في البوسنة الهرسك إلاَّ لأنَّ الصليبية الحاقدة ما زالت في قلوب المسيحيين، ولكنهم استطاعوا أن يغلفوها بهذه المظاهر المادية الكاذبة، وأن يخفوها عن الأعين، ولكنها هي التي تقودهم في كل اختياراتهم؛ وشكراً.
 
وسأل الأستاذ عصام نايته قائلاً:
- ما هو حكم الشرع في العمليات الانتحارية التي يقوم بها بعض الفدائيين في فلسطين، وغيرها من المناطق الواقعة تحت السيطرة الأجنبية؟
 
فرد عليه سماحة الضيف قائلاً:
- قضية الانتحار هو - أيضاً - تعبير؛ هل هو صحيح انتحر بمعنى قتل نفسه.. نحر نفسه؟ الانتحار هو افتعال قتل نفسه، وقتل النفس حكم معلوم في الإسلام أنه خالد مخلد في النار.. وعندنا مجاهد في سبيل الله لا يبغي شيئاً إلاَّ الفوز بالشهادة؛ هما أمران.. فالتسوية بينهما هي تسوية بين النقيضين أو بين الضدين، فهذا الَّذي خرج يريد أن يقتُل فمات وقتَل، هذا ليس هو أول قضية وقعت ففي غزوة بدر الكبرى، وقد كان الصحابي آخذ بتمرات وقال: أبيني وبين الجنة إلاَّ أن آكل هذه التمرات؟ فألقاها من يده ودخل مقاتلاً حتى قتل؛ في كل قتال الإنسان يعرض نفسه للموت، فالتعرض للموت من أجل شرف المبدأ ليست عملية انتحارية، هي عملية جهادية، والانتحار هو خوف.. وفرق بين الخوف والشجاعة.
 
وسأل المحامي أحمد الشنقيطي فقال:
- سماحة الشيخ مختار، هناك مقولة مفادها: إن رجال القانون في فرنسا استعانوا كثيراً في وضع أسس القانون على المذهب المالكي، مستفيدين من علماء المغرب العربي وإجادتهم اللغة الفرنسية؛ آمل إلقاء الضوء على هذا الموضوع.
وكان رد سماحة الشيخ أحمد السلامي ما يلي:
- شكراً للأستاذ أحمد.. هذا السؤال فيه طرفان، أما طرفه الأول: فصحيح أن الفرنسيين في قانونهم المدني استفادوا من الفقه الإسلامي وخاصةً مذهب الإمام مالك؛ والقانون المدني هو قانون وضع في عهد نابليون الأول ووعى نابليون الأول؛ أما القسم الثاني من السؤال، فما دخلت فرنسا أرض أفريقية، لكن القناة التي وصل منها الفقه المالكي إلى فرنسا هي القناة المعرفية العامة التي حملت الفكر الإسلامي وغيره إلى بلاد فرنسا، أعني بلاد الأندلس؛ فالأندلس كانت كلها على مذهب الإمام مالك، وما استطاع ابن حزم على فصاحته وبيانه وحجته وحفظه للحديث، ما استطاع أن يحول الأندلس عما التزمته من مذهب مالك؛ ومن قرطبة انتقلت الثقافة الإسلامية بما فيها من فلسفة وقانون الفقه وعلم الفلك والثقافة الإسلامية، بكل ما تحويه انتقلت من الأندلس إلى فرنسا، والترجمة أو الاستفادة إلى حدود القرن التاسع عشر كان كتاب الشفاء لابن سينا أحد الكتب التي تدرس في الجامعات الفرنسية، فالثقافة الإسلامية كلها أخذت طريقها من بلاد الأندلس إلى بلاد الغال؛ وشكراً.
 
ووجه الأستاذ صفائي الزهراء السؤال التالي:
- سماحة الشيخ مقولة اختلف الناس حولها.. أريد أن أسألكم عنها، وهي: من قلد عالماً لقي الله سالماً.
وأجاب سماحة المحتفى به بقوله:
- هذه المقولة من قلَّد عالماً لقي الله سالماً.. هي تمثل أمرين: تمثل أولاً - في نظري - تكريم العلم في هذا الدين، قال تعالى: يرفع الله الَّذين آمنوا منكم والَّذين أوتوا العلم درجات وما أكرمها من شهادة من رب العزة؛ وقال تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ولما كان هذا الدين يجمع بين الدنيا والآخرة، فهو يعطي للأمة كل قسم منها الاختصاص الَّذي يستطيع به أن يفيد بقية الأمة، فالتاجر له دوره في هذه الأمة، والفلاح له دوره في هذه الأمة، والعالم الفيزيائي له دوره في هذه الأمة، والعالم في الشريعة له دوره في هذه الأمة، ودور العالم أنه يعطي لمن يسأله حكم الله كما يظنه لا كما حسب هواه؛ فإذا عرف المؤمن العالم ويتفق علماء المسلمين على أن الفقه لا يؤخذ إلاَّ من رجل عالم ملتزم بدينه، فالفاسق لا يؤخذ حكمه وإن كان أكمل العلماء.. وهذا معروف، فإذا سأل عالماً ملتزماً بدينه لا يساوم في دينه وقلده، فإنه يلقى الله سالماً، لأنَّ الله ما كلفه أن يتعمق في الدين في كل قضية من القضايا، وإنما كلفه أن يعود إلى العلماء؛ وشكراً.
 
وورد سؤال من الأستاذ عبد المجيد الزهراء نصه:
- ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلاَّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فما بال بعض الناس اليوم يميلون إلى التشدد والتشديد في كل شيء؟ ماذا توجهون لهؤلاء؟
فرد فضيلة المحتفى به قائلاً:
- مفهوم هذا الحديث هو أنه صلى الله عليه وسلم تولى تربيته رب العزة، فكان من سمو خلقه صلى الله عليه وسلم ومن جمال طبعه، ومن كماله صلى الله عليه وسلم ومن حبه للمؤمنين، ومن رأفته بهم، المقام الَّذي لا يدانى، وما من متبع لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ ويمتلئ قلبه وتمتلئ مشاعره إعجاباً بالَّذي تخيره الله بين عباده فاصطفاه التيسير، ما كان صلى الله عليه وسلم يهادن في دينه، بل كان صلى الله عليه وسلم يحمل أصحابه على مكارم الأمور، وإذا نظرنا إلى خلق الصحابة - رضوان الله وسلامه عليهم أجمعين - وعلى سيرهم، نجد أثـر قوله وهـذا القـول: "أختار أيسرهما" قال تعـالى: ونيسرك لليسرى.
 
- فالتيسير الإلهي الَّذي وضعه في قلبه، ليس معنى اليسر هو السهولة، وليس معنى اليسر موافقة الهوى، وليس معنى اليسر موافقة الطبع، ولكن اليسر هو خلق يستطيع به صاحبه - على ما عنده من كمال فيه - أن يجذب الناس إلى الطريق السوي على أفضل الوجوه وأكملها وأيسرها، ثم إنَّ العلماء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورثوا ميراث النبوة وهو العلم حظهم من هذا السماح الخلقي الَّذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان مختلفاً، فكان بعضهم شديداً مع نفسه شديداً مع غيره، فابن عمر - رضي الله عنه - وأكثر منه نافع تلميذه، فكان حتى في معاملته كانت فيها صلابة وقوة وصبر عليها الرواة وحدثونا عنها وعن رد الفعل القوي الَّذي كان لهذا التابعي الجليل نافع؛ وبعضهم كان حظه وفضل الله عليه من التشبه بخلق النبوة الكريم في السماحة كان أوفر، فظهر عليه؛ ولكن الجميع كل واحد منهم يفتي حسب ما يظنه حكم الله الَّذي يرضي الله، فالقضية ليست قضية سهلة؛ ولذلك أبدع الإمام ابن القيم الجوزية لما قال: أعلام الموقعين عن رب العالمين، فجعل كل شخص يفتي بفتوى ويظهرها للناس فإنه يوقِّع عن الله ولذلك يهتز كل عالِم.
- التجربة ليست تجربة سهلة وتعرفونها أنتم خاصة عندما يطلق المفتي فتواه فهو صاحب الخطة؛ وهناك علماء أكبر منا وأفضل منا في كل مكان، لكن عندما يفتي شخص في حكم إلا وهو يهتز بالتجربة، ويخشى أن يكون قصر في اجتهاده ولم يصل به إلى غايته، وهذا هو شأن الشخص عندما يقدم على الإفتاء؛ وشكراً.
 
ومن الأستاذ جمال بنون من جريدة الاقتصادية ورد السؤال التالي:
- كيف يمكن لنا أن نواجه العبث الديني والتصرفات الخاطئة التي تنسب للدين؟ وما هو المطلوب من العلماء؟
 
فرد فضيلة الضيف قائلاً:
- شكراً على هذا السؤال؛ ليس هذا أمراً مطلوباً من العلماء، بل هو أمر مطلوب من كل مسلم؛ العالم يتميز عن غيره بإدراكه بعض القضايا التي يعجز غيره عن الوصول إليها، أما بقية الدين فمعروفة لنا جميعاً، فالصدق، والخيانة، والكذب، والأمانة، والجد، والإحسان، هذه كلها أمور معروفة لا أتميز أنا عن أبسط شخص، ما يزال في مرتبته الأولى في التعلم، فهذه نحن فيها سوية، وهذه أمانة المعرفة وأمانة إبلاغ ما يعرفه الإنسان يوم يتحول المسلمون إلى قوة لا تقبل الانحراف وتشمئز منه، عندها يكون دور العلماء دوراً بسيطاً في إرجاع الناس إلى المسار الحقيقي، وأما البقية فنحن نستوي فيه.. علماء وغير علماء؛ وشكراً.
 
وورد سؤال من الأستاذ عبد الرحمن الشنقيطي، مدرس بكلية المعلمين بجدة، يقول فيه:
- كنت منذ أمد - ليس بالطويل - أتشوق إلى رؤية كتاب التلقين للإمام المازري ضمن كتب الفقه المالكي المطبوعة، حتى هيأكم الله إلى إخراج جزأين منه، فمتى ستكتمل أجزاء هذا الكتاب الثمين، وهل هناك معوقات تعوق دون إكمال هذا الكتاب؟
 
فرد فضيلته قائلاً:
- شكراً، التلقين للقاضي عبد الوهاب هو أحد كتبه، والتلقين في ذاته هو كتاب مختصر تولى دراسته وإخراجه الأستاذ الغاني من جامعة أم القرى، وطبع التلقين في المغرب الأقصى، ولكن الامتياز هو للشرح على التلقين الَّذي قام به الإمام المازري، والإمام المازري هو عالم من علماء تونس في القرن السادس، شرحُهُ يعتبر موسوعة من موسوعات الفقه الإسلامي، ذلك أنه لم يعن فقط بتحرير المذهب ولكنه نظر في المدارس الفقهية جميعِها وأخذ يوازن بإنصاف بينها في الأقوال الجزئية بإرجاع الأقوال إلى أدلتها وتطبيق القواعد الأصولية عليها.
 
- والكتاب من الكتب التي كتبها رجل في آخر حياته بعد أن نضج النضج التام، وبحثت عن هذا الكتاب فوجدت منه أربعة أجزاء في المكتبة الوطنية بتونس، وثلاثة أجزاء بمكتبة المدينة المنورة، ونسخ منه بالمغرب الأقصى، ورحلت هذه السنة إلى مكتبة الأسكوريال لعلي أظفر ولم أظفر بشيء، وظفرت بنسخة مصورة من جامعة أم القرى، ولكن عندما نظرت في الشرح ونظرت في كتاب التلقين، وجدت أن أجزاء كثيرة مفقودة من الوسط.
 
- يتميز هذا الكتاب بصعوبة تحقيقه، أولاً: لما بينته لكم من أنه وقف موقف الحكم بين العلماء في اختلافاتهم، مرجحاً بالرجوع إلى الدليل من الكتاب والسنة، وبتطبيق القواعد الأصولية، وفي استشهاده بالسنة، له بعض الأحاديث، لي سنتان وأنا أبحث ولم أجدها حتى الآن؛ ثانياً: لا بد من بيان، لأنَّ بعد كثير من الَّذين يتداولون كتب الفقه الإسلامي، وبعدهم عن الكتب القديمة ولغتها الخاصة، جعلني لا بد أن لا أخرج الكتاب على الطريقة الغربية في باء قال، وفي كاف يقول، وفي لام قلت؛ ولكن أردت أن يكون تخريج مساعد للقارئ على فهم النص.
- حققت اليوم حوالي تسعمائة صفحة وقد طبعت، والتسعمائة صفحة هي - تقريباً - ثلثا كتاب الصلاة، كتاب الحج لم أجده إلى الآن، المعاملات المالية بعضها موجود وبعضها غير موجود؛ ثم الصعوبة الثانية هو إن الإمام المازري هو يتابع كتاب التلقين، وجد أن هناك ثغرات في الفقه الإسلامي لم يتحدث عنها الإمام القاضي عبد الوهاب، فأراد أن يضيفها من عنده متناً وشرحاً بكل ملابساتها؛ فالكتاب لا بد أن يتوفر له من الوقت، وندعو الله بالعون حتى نصل - إن شاء الله - إلى إخراج ما يمكننا أن نخرجه منه؛ وشكراً.
 
وسأل الأستاذ بسام بن عبد الله البسام السؤال التالي:
- يمر العالم الإسلامي اليوم بحالة من الاضطراب والعنف.. والعنف المضاد، سببه اختلاف وجهات النظر بين المسلمين وتباين مشاربهم ومقاصدهم، والله أعلم؛ ولا يخفى على سماحتكم - بطبيعة الحال - ما وصل إليه حال المسلمين من الشقاق والفرقة، إلاَّ أن حالة الفوران التي عمت بعضاً من شعوب العالم الإسلامي - لا سيما البلدان العربية منها منذ سنوات قليلة مضت - جعلت بعض المسلمين يحار في أمرها، يقف موقف المحايد منها؛ فهل لسماحتكم - حفظكم الله - أن توضحوا - ولو باختصار - ما الواجب على المسلم أن يفعله تجاه هذا الوضع المر؟
فرد سماحة ضيف الاثنينية بقوله:
- شكراً، هناك قاعدة أخذت بها نفسي وآخذ بها نفسي دائماً في تفكيري، وهي: "أن الحق واحد ولكن الباطل متعدد" وهذه قاعدة بسيطة استفدتها من صغري، فعندما يجمع الإنسان عملية جمع النتيجة واحدة، هي الصحيحة وبقية النتائج خطأ، فالحق واحد والباطل متعدد؛ فإن كان هناك خلاف فاعلم أنَّ هناك باطلاً، وهذا الباطل ليس من الدين بل هو خلاف الدين، وإدراك ما هو حق مما هو باطل معروف لكل أحد، فهو لا يستحق التفكير لا مني ولا من أي أحد، إنما كل إنسان بفطرته يستطيع أن يعرف الحق من الباطل؛ وشكراً.
 
وسأل الأستاذ محمد أمين عبد الرحمن كردي قائلاً:
- تونس تعتبر من أكثر مدونات الأحوال الشخصية العربية تحرراً، فكيف تفسر هذا التميز عن بقية أقطار المذهب المالكي؟
فردّ سماحة ضيف الاثنينية بقوله:
- لم يدع أي شخص عالم أن القانون هو الدين، فالقانون بذاته يكون قانوناً وضعياً.. بمعنى وضعه البشر؛ وإذا كان قانوناً وضعياً فكل شخص أو كل دولة تجتهد، فتونس لها قانونها الوضعي، ومصر لها قانونها الوضعي، وسوريا لها قانونها الوضعي، وكل بلد من بلدان العالم الإسلامي له قانونه الوضعي؛ أما معنى تحرر وتأخر، فالمقياس هو هذه الوراثة التي قلتها من قبل، وهي قضية التقليد؛ فهل معنى المقياس هو الصورة الغربية، فمن اقترب منها أكثر كان أفضل؟ هذا هو أساس الفساد الفكري في العالم الإسلامي؛ وشكراً.
 
وورد سؤال من الأستاذ عثمان مليباري يقول:
- برز في العالم الإسلامي شعراء التزموا الإسلام عقيدةً ومنهاجاً، فجاء شعرهم تعبيراً عن عظمة الإسلام وقيمه الخالدة، وتعرفون أنه قد برز في هذا المجال عدد من الشعراء أمثال محمد الزبيري في اليمن السعيد، وأحمد محرم في مصر، وعلال الفاسي في المغرب، وعمر بهاء الدين الأميري في سوريا، وعبد الرحمن العشماوي في السعودية؛ وسؤالي: هل في تونس الخضراء شعراء أخلصوا للدعوة الإسلامية والتزموا بالمنهج الإسلامي، وعبروا عن مثله وأهدافه؟
فرد سماحة ضيف الاثنينية بقوله:
- شكراً، هذا سؤال لا تخلو منه لا أقول قطراً ولكن لا تخلو منه مدينة؛ فالشاعر هو رجل رزق من رهافة الحس ومن رقة المشاعر ما يصل به إلى إدراكات بعيدة عن الناس، ثم يستطيع بعد ذلك أن يبرز ذلك أدباً جميلاً في لغة حتى يحس الآخرون بما يحسه؛ وهذا الضابط المختصر لمنزلة الشعراء كيف لا يكون تفاعل الشعراء في كافة بلاد العالم الإسلامي مع الإسلام، على أساس الإعجاب والإدراك والإبراز؟ فمن كبار الَّذين أخذوا شوطاً كبيراً الشاعر صدام، وهو من كبار الشعراء في تونس - رحمة الله عليه - وكتب ابتهالات رقيقة جداً وعجيبة جداً، كان أحد أساتذتي - رحمة الله عليه - أحمد مختار الوزير من أرق الناس شعراً بهذه المعاني، الشيخ الطاهر القصار من شيوخي أيضاً - رحمة الله عليه - كان شاعراً مبدعاً في كثير من المقامات، وكان في كل سنة في المولد النبوي الشريف نرقب جميعاً ما سيتحفنا به من ابتهالات ومشاعر نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تثيره فيه الذكرى، فكل مدينة من مدن العالم الإسلامي فيها من عبر أفضل تعبير عن هذه المعاني.. لا تختص بها تونس، وفي جدة - بحمد الله - الكثير، وفي أرض الحجاز أكثر من شاعر، والمجلات الأدبية لا تكاد تخلو - وخاصةً في المملكة - من شاعر، يتوجه بابتهالاته إلى الله، وإعجابه بهذا الدين؛ وشكراً.
 
وورد سؤال من الأستاذ محسن أبي زيادة نصه:
- هل للواقع تأثير على الفتوى، وما مدى هذا التأثير إن وجد؟
وأجاب سماحة الشيخ السلامي:
- شكراً، لقد أجاب على هذا السؤال من قبلي الإمام القرطل، فقد جعل في فروقه قاعدة، قال: إذا جاءك مستفت يستفتيك فاسأله عن عرف بلده، فإن الثبات على المسطور في الكتب جهل بالدين وطعن في دين رب العالمين، فلا يستطيع إنسان أن يفتي فتوى لشخص إلاَّ بعد أن يأخذ كل الملابسات وكل الظروف، لأن جزئية من الجزئيات يختلف بها الحكم من طريق إلى طريق؛ هو بالضبط كما يقوم في المعادلة لتكوين التجربة، لا بد أن تكون المعطيات كلها معروفة وعلى مقادير محددة، كذلك عندما يعطي الإنسان فتوى؛ شكراً.
 
ومن د. غازي زين عوض الله، أستاذ الصحافة المساعد في قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز ورد السؤال التالي:
- لقد تدخلت الهندسة الوراثية في علم الأجنة وأمراض الوراثة، وتوصل علماء الهندسة الوراثية إلى إجراءات بحثية، لها دور كبير في امتصاص أمراض الوراثة من الجنين بعد تخلقه وهو في داخل جسم المرأة، ما رأي الفقه الإسلامى في هذا التقدم العلمي؟
 
فرد سماحة الضيف على السائل بقوله:
- الهندسة الوراثية علم جديد، والَّذي كتب كتباً عنه كتب بطريقة علمية وكتب عنه بطريقة إعلامية، ولكنه مكتشف جديد فيه خير للإنسانية كثير، كما يمكن أن يكون فيه شر للإنسانية كثير، وهذا شأن الإنسان الَّذي فرضه الله في الوجود علينا.. وهديناه النجدين، فكل عمل تقوم به البشرية إلاَّ ويمكن أن ينصرف إلى الخير ويمكن أن ينصرف إلى الشر، وعلماء الهندسة الوراثية استطاعوا به إزالة كثير من متاعب البشرية.. وهذا خير، ولكنه اليوم بأيد لا تعرف حدود الإنسان، فيريد بعضهم أن يتدخل في خلق الله وأن يفسد الخلق، وأن يركب بطريق الهندسة الوراثية وحدات بشرية ووحدات غير بشرية، دون أن يعلم مقدماً بالنتيجة، ولكنه ينتظرها من بعد؛ فهذا التشويه الَّذي يمكن أن يدخل على الإنسان هو ما بدأت به كلمتي بأن الإسلام يجمع بين الدنيا والآخرة، فالعالم لا بد أن ينظر في كل عمل يقوم به إلى الناحية الخلقية، وإلى ما يرضي الله، وإلى ما لا يرضيه وما أخذه العالم انشتاين وقال كلمته المشهورة: "إن العلم بدون إيمان أعمى وإن الإيمان بدون علم كسيح" شكراً.
 
ومن الأستاذ محمد علي دولة ورد هذا السؤال:
- تعلمون يا سماحة الشيخ أنَّ أحد العابثين قد تعرض لسماحتكم، ولكثير من علماء تونس، بل لعلماء المسلمين، ولخير هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانتقاص، بل والاتهام بما لا يليق أن يصدر عن عاقل، وزعم لنفسه أنه قد اهتدى بعد أن ضل ضلالاً بعيداً؛ فهل لكم أن تعطونا وجيزاً عن هذا المنحرف؟
 
ورد، المحتفى به قائلاً:
- شكراً، أما أنَّ رجلاً استنقصني فأنا ناقص ولا أعلم أنَّ شخصاً استنقصني وما سمعت به مباشرة، ولكن أنا ناقص.. فأنا بشر، هذه واحدة؛ أما ثانياً: الإشارة التي جاءت في الكلام في قوله: ثم اهتديت إلى رجل قال: إنه اهتدى لما اعتنق المذهب الشيعي؛ فإذا كان المقصود به ذلك الرجل الَّذي كتب كتاباً كله ترديد لمقالات شيعية ما وصل إليها بنفسه، ولكن أمليت عليه، وهذا الرجل لم يستنقص إلاَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الرجل وعن رميه، لأنه يريد أن يثبت في كتابه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتفطن لما تفطن له هو، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف أصحابه حتى جاء هذا الدعي في آخر الدنيا، يبين أنَّ هذا رجل ما يصلح؛ إن الَّذي يقرأ الكتاب يرى ما يقول، يرى أنه ترديد لكلام علماء الشيعة ولم يأت بجديد، وقد قرأناه من كتبهم، وهؤلاء بعضهم ضالون وبعضهم مضلون؛ وهذا بصفة عامة هو وضع هذا الكتاب ووضع صاحبه، أما أنه تعرض لي ورماني بالنقص فهو صادق في ذلك.
 
ومن الأستاذ مجد مكي سؤال يقول فيه:
- نرجو أن تتكرموا بإيضاح أسباب الضعف العلمي الَّذي حل بالزيتونة وتونس الخضراء الحبيبة؟
وأجاب الضيف على السائل بقوله:
- إذا قلت الأمة جسم حي، فإذا أصابه الوهن أصاب جميع أجزائه، وإذا نهضتْ نهضت بجميع أجزائها؛ قوتي وأنا شاب هي غير قوتي وأنا في هذا العمر، ونشاطي الذهني وأنا شاب هو غير نشاطي الذهني وأنا في هذا العمر؛ فهل العالم الإسلامي اليوم في الاقتصاد، في الفلاحة، في التجارة، في الطب، في الهندسة، في الفلسفة هو في وضع متقدم؟ فالأوضاع كلها متناسبة، فلا نجعل هذا خاص بفريق دون فريق، ولكنها أمور تحفزنا - جميعاً - إلى أن نتدارك هذا النقص، لأنَّ أول خطوة في الدواء هي معرفة المرض والداء..، فإذا استطعنا أن نعرف داءنا وأن نحس به إحساساً بإحساس الألم بالداء، فبعد ذلك يأتي الشفاء إن شاء الله، وهي سنة من سنن الله في الكون.
 
وورد سؤال من الأستاذ الشريف منصور قال فيه:
- في ظل المتغيرات الصعبة ومآسي الأمة الإسلامية والعربية، وما منيت به من أحداث جسام يخجل منها تاريخ الأمة، ألا يكون هناك أمل في محكمة إسلامية عربية على غرار محكمة العدل الدولية، يكون لها دور عادل وواضح في ظل الشريعة الإسلامية، له ثقله واحترام كلمته؟
 
فأجاب الضيف قائلاً:
أنا لا أريد أن أتحدث عن شيء يخرج عن نطاقي، ولا أستطيع أن أقول للدول الإسلامية ورجالاتها الَّذين يقودونها كونوا محكمة كمحكمة العدل الدولية، والتزموا بأحكامها ولا تخرجوا عنها، فأنا أضعف من هذا.. فالقضية قضية أكبر من إثارة أمل كهذا، قد يكون هذا أملاً نصل إليه في يوم من الأيام، وهي بين أيدي رجال السياسة لا بين أيدي رجال العلم؛ وشكراً.
 
ومن الأستاذ غياث عبد الباقي ورد السؤال التالي:
- هناك أفكار تطرح على الساحة الإسلامية من فئات مثقفة تشبعت بالفكر الغربي، تقول: إنَّ هناك إجحافاً بحق المرأة المسلمة وحقوقها مهضومة، وقوانين الأحوال الشخصية الإسلامية لا تعطيها حقوقها الكاملة، وهم يريدون إخراجها من عفافها وحشمتها وحجابها وبيتها، بحجة أنها نصف المجتمع، وأن اقتصاد الأمة بحاجة لهذا الخروج؛ وأنتم من رجالات الإفتاء والفقه والشرع الإسلامي، نرجو منكم تبيان الحق في هذا الموضوع، وجزاكم الله خيراً.
فأجاب الضيف قائلاً:
- قضية المرأة هي القضية القديمة الحديثة، وأنا من الَّذين يؤمنون إيماناً كاملاً بأن موروثات ورثها المسلمون اليوم عبر العصور، وخاصةً من الدور السياسي الَّذي قامت به الشيعة في تونس وفي مصر ظلمت المرأة، ظلمت المرأة ظلماً كبيراً، لأن الله - سبحانه وتعالى - لما أكرم الإنسان بالعلم، فالمرأة إنسان وإنسان كامل،.. فالمرأة فعلاً هي نصف المجتمع، وهذا الشطر وإن كان التعبير تعبير حديث، لكن الأجمل منه والأكمل هو قوله تعالى: هن لباس لكم وأنتم لباس لهن فلا يوجد تعبير يعطي المرأة قيمتها ومقامها كهذا التعبير، المرأة إنسان لها الحق أن تتكلم وأن تعبر عن رأيها، ولها الحق أن تناقش أكبر رجل في الدنيا، وهكذا رواه أصحاب الصحيح عن مواقف أم المؤمنين عائشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرها من أمهات المؤمنين ومن نساء المسلمين. نزل قرآناً يتلى: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما لكن بموروثاتنا الثقافية وخاصة عن العهد الشيعي، لأنه ما ابتدأ إلزام المرأة بالبيت إلاَّ في العهد الشيعي، ولتسمحوا لي لأنني أضعف الناس ذاكرة، في أسماء الكتب وأسماء الناس ذاكرتي تكاد تكون بيضاء، لكني قرأت أنه كان في مصر في العهد الفاطمي لا يسمح للمرأة أن تخرج من بيتها إلاَّ مرتين: لزوجها ولقبرها.. في الحكم الشيعي؛ ويروي صاحب الكتاب: أنَّ امرأة مات أبوها وكانت تحبه وكانت وحيدة والديها، قالوا فذهب بعضهم إلى الوالي، الخليفة الفاطمي وطلب منه أن تذهب لزيارة والدها ثم - حسب الرواية - أنه تبين أنها ذهبت لعشيقها، هي استطاعت أن تبعث - تركيب القصة - شخص ويذهب إلى الخليفة ويأذن لها أن تذهب لموت والدها، دون أن يسمع أن الوالد مات أم لم يمت وتذهب - هي كلها تركيبات - قال فرمى بها وبعشيقها في قاع البئر وأطبق عليها.
- هذه نظرة وجدت وبقيت موروثاً ثقافياً، بالموروث الثقافي هذا هل استطاعت المرأة أن تكون الرجل الَّذي فيه من الشجاعة وفيه من الأخذ بالقيم كما رأينا أسماء - رضي الله تعالى عنها - وهي تبعث بولدها إلى الجهاد ولا ترضى أن يعود إما منتصراً وإما في القبر؟ هكذا كانت المرأة الإسلامية، في الحديث في البخاري كيف كن مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد، كيف كانت تكشف عن ساقها وهي تجري، هذا كله طمسناه وجعلنا المرأة كأنها إذا أخذت حظها من المعرفة وأخذت حظها من المشاركة، كأن الدنيا تصبح فساداً، الفساد حتى أصبحت الأخلاق بكل أسف انقلاب القيم عندنا في عالمنا الإسلامي، أصبحت كلمة الأخلاق لا تعني إلاَّ العلاقات الجنسية، نسينا الصدق ونسينا الأمانة ونسينا كل هذا، ولكن قلنا ذهبت الأخلاق بمعنى أصبحت المرأة غير عفيفة.. العفة شيء ولا بد منه.
- فالقضية أننا أفرطنا في معاملة المرأة، وما كنا منصفين لها، وما كان الغرب منصفاً للمرأة، فقد استعمل المرأة أسوأ استعمال، استعمل نهدها، وفخذها، وشفتها، وأسنانها، وكل جزء من أجزاء المرأة إلاَّ وهو يعمل في الاقتصاد، ثم إنَّ كل دولة من هذه الدول التي تدعي أنها تكرم المرأة لها مدرسة خاصة تختار فيها الحسان، لتكوِّن من تلك الحسان وسائط لذوي الفساد؛ فاستخدمت المرأة واستخدمت علاقاتها الجنسية في أخس ما يمكن أن يستخدم، فما أنصف الغرب المرأة واستخدموها استخداماً سيئاً، وما أنصف المسلمون المرأة، والحل الوسط هو الإسلام الَّذي جاء بالحل الوسط الَّذي لا ظلم فيه لأحد؛ وشكراً.
 
وورد سؤال من الأستاذ جمال مصري جاء فيه:
- نحن نعيش صحوة إسلامية مباركة، ومع ما في هذه الصحوة من حسنات إلاَّ أننا نلمس بعض الأخطاء، ومن ذلك التفرق والخلاف الَّذي يصل إلى حد التكفير للمخالفين في الرأي، والجرأة على الفتوى، وسوء الظن بالآخرين، والتشنيع على علماء الأمة من السلف والخلف؛ فهل لكم أن تتكرموا بإبداء رأيكم بهذه الظاهرة وطرح العلاج؟
 
ورد سماحة المحتفى به بقوله:
- يعجبني في هذا السؤال أن مقدمته تتضمن الجواب، هو يتحدث عن صحوة، عن شخص نائم أخذ يطارد هذا النعاس، فهو ما زال يتعثر في الغفوة، وهذه من أنواع التعثرات الدالة على عدم الرشد، وهو حكم عليها؛ فإذا أراد أن أؤيده في الحكم فأنا أؤيده تماماً.
 
وورد - أيضاً - سؤال من د. أحمد سعيد درباس نصه:
- ظاهرة التطرف تعد من أكثر الظواهر تأثيراً على النظم الاجتماعية والسياسية في مجتمعاتنا العربية، إلى حد أنَّ هناك من يرى أن التطرف مواز للإرهاب ويجب أن يقمع بكل الوسائل المتاحة، ما هي في نظر سماحتكم الأسباب التي تجعل من التطرف معادلاً للإرهاب؟
 
وكان رد الضيف على هذا السؤال هو:
- الجواب ابتدأنا به في الأسئلة الأولى وما أعتقده قلته بكامل الصراحة والوضوح.
 
وسأل الأستاذ محمد نزار هاشم السيد قائلاً:
- ما حكم من أوصى بأن يحرق بعد وفاته وهو مؤمن قبل موته وكان يقوم بمظاهر الإسلام، وهل هناك نص شرعي يحرم غير الدفن؟
 
وكان رد الضيف هو:
- هناك أمران: أما هذه الوصية فوصية غير نافذة، وأما أن إكرام الإنسان هو في دفنه فهذا أمر مجمع عليه من ضروريات الإسلام ومن ضروريات الدين؛ فقضية الإحراق الواردة في المذاهب الهندية هي من عبادة النار، هي فرع أو إسقاط من إسقاطات تكريم النار، باعتبار أنها هي المطهرة، وعلى كل: إكرام الجسد هو دفنه والتعجيل بدفنه.
وورد سؤال من د. محمود حسن زيني قال فيه:
- كيف تشرحون حديث ثوبان - رضي الله عنه - عن تكالب أعداء الإسلام على المسلمين في كل زمان.. المذكور في هذا الحديث الَّذي يعتبر علامة من علامات نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
 
وأجاب سماحة الشيخ السلامي قائلاً:
- شكراً، هذا الحديث الَّذي تفضل بإثارته وبروايته بالمعنى هو حديث رواه الإمام أحمد في مسنده - رضي الله تعالى عنه - وهذا الحديث هو: "تتداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها، قالوا أو من قلة نحن يا رسول الله؟ قال: لا ولكنهم كثير كغثاء السيل وليلقين الله في قلوبكم الوهن، قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ - وهذا السؤال سئل عنه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يسأل السائل الكريم - فقال هو حب الحياة وكراهية الموت".
- لا بد أن نفهم كلنا أن حب الحياة غريزة فطر الله عليها الإنسان، ولكن الحياة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الحياة على الخسة وقبول الحياة على الضيم؛ بمعنى عندما يفقد الإنسان الشجاعة عندما تفقد البشرية التضحية في سبيل المبادئ العليا؛ هذا هو الوهن الَّذي تصاب به القلوب وهو ما عير به - سبحانه وتعالى - اليهود: ولتجدنهم أحرص الناس على حياة حياة منكرة وضيعة لا قيمة لها.. فالمسلم الَّذي امتلأ قلبه بعزة الله لا يرضى إلاَّ أن يعيش عزيزاً أو أن يموت شهيداً في سبيل عزة مبادئه؛ وشكراً.
(( مداخلة سعادة المحتفي ))
نظراً لكثرة الأسئلة ورغبة من المحتفي في إفساح المجال لبعض الملعقين تدخل قائلاً:
- سماحة الشيخ - في الحقيقة - لدينا كثير من الأسئلة، والوقت أصبح لا يتسع لإلقاء مزيد منها، فأعتذر - أولاً - إلى سماحتكم، كما أعتذر للأساتذة الكرام عن عدم إلقاء الأسئلة الأخرى، كما أنه في ذات الوقت تلقيت أكثر من طلب للتعليق، ولئلا أحرم الجميع سأترك التعليق لشخصين، بشرط ألاَّ يزيد التعليق عن ثلاث دقائق، لأن الوقت أصبح متأخراً جداً، وأبتدئ بدكتورنا الفاضل محمد بن سعد آل حسين، ومن ثم فضيلة شيخنا محمد علي الصابوني، وهذا يعتبر مسك الختام.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :618  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 93 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.