شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( تعليق فضيلة الشيخ محمد الحبيب بلخوجة ))
ثم أعطيت الكلمة لفضيلة الشيخ الحبيب بلخوجة لكي يعلق على ما دار من حديث وأسئلة فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، مجدداً أعود إلى الكلمة وهذا أمر طبيعي لأن من ألف التعليم والتدريس يكون دائماً من التواقين إلى الحديث والثرثرة أكثر مما يلزم ولكن على كل حال استسمحكم لهذا التدخل الجديد.
- في بداية الحديث، أشار معالي الشيخ عبد المقصود خوجه إلى التساؤل عن النظام العالمي الجديد وأن هذا النظام العالمي الجديد قد وضعنا أمامه سياسياً وفكرياً واجتماعياً بعد الحرب العالمية الثانية أولاً، ثم بعد سقوط الدولة الشيوعية في آسيا وفي أوروبا، وأن العالم الآن خلا لقوة ضاربة هي الرأسمالية وأن الدولة الرأسمالية هذه تتملق المجتمعات الأخرى بكونها تريد أن تدعو إلى نظام عالمي جديد وما أكثر هؤلاء الذين يتسارعون بالتظاهر إلى أنهم يريدون تأييدها ومناصرتها والأخذ بهذا المنهج الذي تدعو إليه في حين أنهم ينسون النظام العالمي الجديد الذي ينبغي أن يتحقق لتحقيق العدالة والمساواة في الأرض، وأما النقطة الثانية التي أريد أن أعلق عليها أو أشير إليها وهي ما تفضل به معالي الشيخ أحمد جمجوم عندما قال ما العمل؟ ماذا عسانا نفعل فقال الجهاد.. وأجاب الشيخ المختار جزاه الله خيراً فأعطى المفهوم الجهادي العام وجاء دور معالي الشيخ محمد عبده يماني ففتننا بما دار من أحداث تجري الآن في العالم الإِسلامي وتألمنا مما قال ومما قرأنا في الصحف ومما ورد في الأخبار الكثيرة عن هذه البلاد التي تستشهد ليلاً ونهاراً تقدم الضحايا في سبيل تحقيق بقاء الإِسلام وإعلاء كلمته في تلك الديار التي لم يغب عنها رغم الاحتلال الشيوعي والقوة الشيوعية، فكان يقول بأنه يأسف لأنه حضر متأخراً ولا يدري كيف يعلق فإذا هو يتناول الموضوع في حقيقته وفي الإِطار الذي حدد له كأنه قد علم من قبل. إننا سنبحث هذه القضية، قال الشيخ أحمد جمجوم ما العمل؟ أنا أريد أن أشير إلى أني سعدت هذه السنة بإلقاء محاضرات حول الفكر الإِسلامي وتحدثت مع إخوة لي في المغرب الكبير عن وجوب ندوة عن الفكر الإِسلامي لنواجه التيارات المعادية ونركز الأسس السليمة التي ينبغي أن يقوم عليها الفكر الإِسلامي والمجتمع الإِسلامي وعندما عدت إلى جدة حضرت إحدى المحاضرات بنادي المدينة واستمعت إلى ملاحظات ألقاها أحد قادة الفكر الإِسلامي فإذا هو يتعرض إلى نفس الموضوع ودعوت مجدداً إلى تكوين هذه الندوة وبحث أطراف الموضوع من خلالها، أنا أريد أن أذكر بقصة في نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية التحول الذي وقع في العالم الإِسلامي، والتحول في ذلك الوقت كان تحولاً محموداً لأن العالم الإِسلامي في ذلك الوقت بعد أن كان مستعمراً وبعد أن كان قد استحوذ عليه الغربيون والدول الاستعمارية في كل أطرافه وفي كل البلاد الإِسلامية شرقاً وغرباً بدأ يتحرر قامت فيه حركة التحرير حركة الاستقلال لم يقولوا ماذا نفعل بدؤوا في الفعل بدأ النضال بدأت المعركة بدأت التضحية بالنفس وبالمال، فإذا بالبلاد العربية والإِسلامية جميعها تتحرر وتخرج من ذلك الوضع المقيت الذي كانت عليه.. وذكر بعض إخواننا مقالات شكيب أرسلان وينبغي أن أقول بأن شكيب أرسلان قد أشار في بعض خطبه ومقالاته إلى أنَّ القرن العشرين هو قرن تحرر العالم الإِسلامي في هذه الفترة التي كان العالم الإِسلامي يتحرر رقعة بعد رقعة وبلداً بعد بلد قام شيخي رحمه الله محمد الفاضل بن عاشور في الجمعية الخلدونية بتونس التي كانت سنداً ومدداً للجامعة الزيتونية في تدريس العلوم الطبيعية والرياضية واللغات الأجنبية وما إليها، فألقى محاضرات مدة أربع سنوات وكان لي شرف المشاركة فيها كانت هذه المحاضرات أول ما عرف المسلمون والعرب في تونس أولاً وفي البلاد المجاورة قاطبة بحقيقة الإِسلام، ما هي حقيقة الإِسلام؟ حقيقة الإِسلام الجديد.. حقيقة المجتمع الإِسلامي الممزق حقيقة المجتمع الإِسلامي وما يلاقيه من عتو النصرانية ومن كيد الصهاينة من تدمير الملحدين لمقوماته وهويته فكانت هذه المحاضرات في كل سنة تتناول واحدة. أما الموضوع العام فهو الجامعة الإِسلامية وأما الموضوعات الفرعية فكان العام الأول حديثاً عن الوحدة العربية أخذها رحمه الله بلداً بلداً فتحدث عن أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحركة التحريرية والزعماء والقادة الذين خرجوا بهذه البلاد من محنتها وفازوا بالنصر والظفر وكانت هذه العملية نستمع إليها في المحاضرات فتذكي العاطفة الدينية، تكون المعلومات التي كانت معدومة في نفوسنا وعقولنا ثم نضيف إليها ما نقرؤه كل يوم في الصحافة اليومية وما نسمعه في الإِذاعة فإذا هي متطابقة وتساير خطوة بخطوة هذه الحركات التحريرية بعد العام الأول الذي تحدث فيه رحمه الله عن الوحدة العربية والدول العربية تحدث في السنة الثانية عن الوحدة الإِيرانية وتحدث عن الحضارة والفكر والكتب والمصنفات في الفكر والحديث وما كتبه أهل فارس عندما كانوا متمسكين بمذهبهم الديني السني وكان منهم أئمة في التفسير وفي علم الأصول وفي الفقه وما إلى ذلك من العلوم ثم بعد ذلك تحدث عن الأمة أو عن الجامعة التورانية، وفي المرة الرابعة تحدث عن الوحدة الهندية فإذا العالم الإِسلامي بأطرافه أصبح حقيقة ذهنية ماثلة عند كل طالب وعند كل دارس، تغير التفكير وبالرغم عن استيلاء اللغة الفرنسية على عقول الناس في بلدنا وعن تحكم التفكير الغربي في نفوسنا استطعنا أن نقتلع هذه الأشياء اقتلاعاً وأن نعود إلى مقوماتنا الأساسية وأن نشعر بهويتنا الحقيقية وخرجنا نحارب في العالم الإِسلامي ككل وفي كل بلد منه لنعلنها مدوية أن الإِسلام عاد إلى هذه الديار قوياً وأن المسلمين تنفسوا الصعداء عندما دفعوا بهذا الغريب الغاصب وأخرجوه من ديارهم.. لكننا منذ ذلك الوقت إلى الآن ماذا حصل؟ وفي هذا الوقت بالضبط في هذا التو، في هذا المنعرج الجديد بعد سقوط الشيوعية ومطالبة الدول بتكوين نظام عالمي جديد ماذا وقع؟ أصبحت الحركة التي تقوم بها في البلاد الإِسلامية هي ليست الحركة التي مثلنا لها بالشيخ محمد الفاضل بن عاشور، هي حركة أخرى يقوم بها اتباع الغرب وتلامذته وطلابه يحرفون الكلم عن مواضعه ويتحدثون عن أشياء يقولون فيها بأن الخير ما جاء عن طريق أوروبا والحضارة ما لمسناه في هذه الحياة أما ما يتحدثون به فهو من التاريخ ولا يمكن أن يستمر وأصبحنا عندما نتحدث إليهم أو يتحدثون إلينا نفهم من المصطلحات الحديثية والقرآنية والفقهية كلمات لا تدل على المعاني الاصطلاحية التي عهدناها في كتبنا ولكن لها ترجمة أخرى ولها تفاسير أخرى مجانبة ومنائية ومجافية للمصطلح الإِسلامي الذي نشأنا عليه وعهدناه في دراساتنا وكتَّابُنا هؤلاء تسلحوا بشيء سموه العلمانية وهذه العلمانية قضت على الأمة العربية والإِسلامية والكتب التي تصدر في بيروت في السلسلة التي تسمي نفسها سلسلة الحقيقة المضطهدة التي يريدون الدفاع عنها تكتب بقلم بعض الغرباء عن الدين والغرباء عن الإِسلام حتى عن العروبة وهم في موطن البلاد الإِسلامية والعربية يكتبون كتابات تهدم اليقين الديني وتغير معالم الإِسلام وتطعن في الوحي والقرآن وتبطل الأخذ بالحديث وتأتي على كل ما هو من مقومات العالم الإِسلامي للقضاء عليه وإبادته وأصبح المسلم الحقيقي لا يستطيع أن يرفع عقيرته بكلمة في المجتمع الإِسلامي الذي يعيش فيه في بلده بين أفراد قومه، ما هذه البلية؟ ماذا عسانا نفعل؟ ولذلك تساءلت قبل حين وقلت بأي شيء نبدأ؟ فالحَّل إذن أن نتقي الله في نفوسنا ونتقي الله في أبنائنا ونتقي الله في الجيل الصاعد وأن نقدم له توجيهاً. قال الشيخ أحمد جمجوم جزاه الله خيراً وهذه أمانة أراد أن يشعرنا بوجوب تحملها وتحمل المسؤولية تبعاً لذلك أنتم المسؤولون ولكن مسؤولون عن ماذا؟ ماذا نستطيع أن نفعل؟ على الأقل نقابل كلاماً بكلام، ثم بعد الكلام ننتقل إلى نضال، كيف نفعل في النضال؟ أنا أريد أن أذكِّر بشيء قد لا ترومونه، نحن تعودنا القول وأكثرنا منه ولكننا ابتعدنا عن التخطيط وابتعدنا عن تنفيذ ما نريد ولا نأخذ بالأسباب العملية لتطبيق ما نريد الوصول إليه من أهداف، نحن كنا نتحدث عن الاقتصاد ونريد اقتصاداً إسلامياً وأجاب الشيخ جمجوم ذكره الله بخير عن هذه الكتب الكثيرة التي ألفت في الاقتصاد الإِسلامي ولكن ما الحيلة والذين يريدون الاقتصاد الإِسلامي لا يلتزمون به؟ وما الحيلة والناس.. اللجان الشرعية مثلاً لكثير من البنوك الإِسلامية.. كل واحدة تفتي بما تراه ولا ترجع إلى غيرها فالمجمع، مجمع الفقه الإِسلامي هو لتوحيد هذه الجماعات لتعطيل هذا الاختلاف الذي يفسد ولا يسعد ويبعد ولا يدني من الغاية والهدف الذي نريد أن نصل إليه.. ثم أريد أن أقول كلمة تكون هي خاتمة هذا الحديث الذي لو أردنا أن نأخذ بأطرافه لدام ليالي وأياما،ً هذا الموضوع أرى أن أشير فيه إلى أن الإِسلام عندما نجح، ونجح السادة الأوائل الذين تقدمونا فضلاً وزماناً وديناً وعلماً ورفع الله من مقامهم قال يصفهم سبحانه ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين هذه الثلاثة لا بد من فهمها وتطبيقها.. أولاً يدعو إلى الله فلا يخشى شيئاً، ويقوم بما يجب عليه من النصيحة ومن توجيه المسلمين وهذا مجال فسيح نستطيع أن نعمل فيه سنين، والأمر الثاني أن يكون مطبقاً لهذه التعاليم ملتزماً بها، أما إذا بحث عن التخريجات وعن الحيل لتحقيق ما يرومه ومجافاة ما يدعو إليه فإنه يكون حجة على الدين وحجة على الإِسلام ويكون أول من يضرب هذا الإِسلام ضرباً فيضعه بعد ذلك بدداً ولا يقدر على أن يواجه به أي تحدٍّ، وأما الأمر الثالث فهو الالتزام لأن الله عندما وصف هؤلاء الخيِّرين وصفهم بأنهم يقولون إنني من المسلمين والالتزام بالإِسلام بهذا المعنى يشد عزم المسلم ويجعل القوى الإِسلامية مترابطة متعاونة متجانسة تقف كلها صفاً واحداً أمام ألوان الطغيان الفكري والطغيان المادي والطغيان الاقتصادي والاجتماعي وما إلى ذلك فلا نستطيع أن نواجه كل هذه التيارات الهدامة إلاَّ باستقامة النفوس ورجوعها إلى كتاب الله وسنّة رسوله والأخذ بهذه المبادئ أخذاً ملتزماً به وطريق بحث ذلك هو دراسة الفكر الإِسلامي ووضع الأصول التي ينبغي أن ننشئ عليها أجيالنا الصاعدة.. وشكراً لكم.. واسمحوا لي في هذا التدخل الجديد.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :482  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 166 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.