شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
السعي وراء الرزق
زياد: أين أنت يا مروان… لقد جهدت في البحث عنك حتى كدت أيأس من العثور عليك..
مروان: مشاكل الحياة كثيرة… يا زياد…
زياد: تعب كلها الحياة فما أعجب إلا لراغب في ازدياد…
مروان: ولكني سعيد بهذا التعب.. فالحياة بدون مشقة لا طعم لها.. والثمار لا تجتنى بدون نصب وتعب…
زياد: أما أنا…
مروان: أما أنت فماذا يا زياد؟
زياد: أما أنا فأحب الراحة حتى وجدت من يدخل الطعام إلى معدتي ما كرهت ذلك..
مروان: أنت حقاً من تنابلة السلطان الذي يتندرون بهم…
زياد: تنابلة السلطان.. تنابلة السلطان.. قل ما شئت.. أتعب وأشقى وأسعى وأكد له لماذا؟
مروان: إذن أنت تعيش على هامش الحياة…
زياد: يا سلام عليك يا أخي العائش في لب الحياة… إنك تكدح وتشقى لمن.. للذين لن يترحموا عليك أو يقرؤوا على روحك الفاتحة بعد موتك…
مروان: إنني لا أرجو الرحمة ولا المغفرة من أي إنسان بل أرجوهما ممن بيده الرحمة والغفران… جل جلاله…
زياد: إنك غريب في أطوارك يا مروان…
مروان: رمتني بدائها وانسلت.. أأنا غريب الأطوار أم أنت.. أأنا الذي أعيش عالة على الإنسانية أم أنت…
زياد: إنسانية.. وعالمية.. ورواقية.. وسفسطائية.. كلمات جوفاء نجترها كما تجتر الجمال طعامها المخزون.. ونقولها كما تقول الببغاوات…
مروان: ولكني أعمل لخير الإنسانية… لإسعاد بني البشر…
زياد: أراك بدأت تهرف بما لا تعرف.. وتلبس لباس الصالحين المجددين.. حاسب يا أخي.. حاسب.. إنني أخشى..
مروان: تخشى ماذا؟
زياد: على سلامة تفكيرك…
مروان: أتظنني جننت يا زياد.. سامحك الله.. سامحك الله…
زياد: أستغفر الله… أستغفر الله.. ولكن طريقة تفكيرك قد تقودك إلى تلك النتيجة لا سمح الله… لا قدر الله… على كل حال…
مروان: على كل حال ماذا؟
زياد: سنرى لمن تكون العاقبة…
مروان: العاقبة للمتقين…
زياد: سلام عليكم…
مروان: وعليكم السلام.. ومع السلامة…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى بعدها صوت سلوى تقول):
سلوى: ما بك يا سوسن… أراك محتارة هذا الصباح فما الذي أثارك؟
سوسن: هو.. إياه .. يا سلوى…
سلوى: أنا لا أفهم الأحاجي والألغاز.. أفصحي…
سوسن: هل بقي في صدري مكان لم تطلعي على دخائله…
سلوى: ها.. أدركت الآن.. يا لغبائي.. إنه هو.. هو..
سوسن: هو أعرفته الآن…
سلوى: بلى.. بلى… مروان أليس كذلك؟
سوسن: أجل.. أجل…
سلوى: هل من جديد عنه؟
سوسن: إنه كالصخرة الصماء التي تكسرت على جدرانها أمواج عواطفي فلم تنلها أو تذبها..
سلوى: أتركيه.. أبعدي عنه.. كفاية ذل ومهانة…
سوسن: صحيح كفاية.. كفاية.. ولكن…
سلوى: ولكن ماذا؟
سوسن: أريد أن أعرف من هي التي استحوذت على قلبه.. فقد نقل إليَّ من لا يرقى الشك إلى كلامه أن مروان يقول في مجالسه الخاصة…
سلوى: ماذا يقول؟
سوسن: يقول إن قلبه كالزهرة لا يتفتح إلا مرة واحدة ولا يسع إلا حباً واحداً.. وأريد أن أعرف من هي حبَّه الوحيد…
سلوى: وماذا يهمك من أمرها؟
سوسن: أريد أن أثأر لكرامتي فالشاعرة تقول؟
سلوى: ماذا تقول؟
سوسن:
نحن النساء إذا ثرنا لعزتنا
نلقى بمن يعتدي بطن الأخاديد
فإن أردن انتقاماً يا لنقمتنا
وإن وعدنا فيا حسن المواعيد
سلوى: يا سلام.. يا سلام.. أحمدي الله يا شيخة أن مروان كان شريفاً في موقفه منك…
سوسن: كيف يا سلوى كيف…
سلوى: لأنه لم يستغل عواطفك المتأججة فيلعب بك كما يلعب اللاعب البارع بأحجار الشطرنج…
سوسن: وهل أنا سهلة إلى هذا الحد؟
سلوى: لا.. ولكن شباب اليوم لهم أساليب وفنون في استغلال من هنَّ في زحمة عواطفك وفي حيطة أكثر من حيطتك وقوتك فاحمدي الله على العافية…
سلوى: الآن…
سوسن: والآن ماذا؟
سلوى: ما رأيك في الانضمام إلى جمعية الطفل اليتيم…
سوسن: فكرة صائبة ومشروع إنساني نبيل.. أنا موافقة…
سلوى: ستذهبين معي لحضور الاجتماع الذي دعت إليه مؤسساته هذه الجمعية…
سوسن: بكل سرور…
سلوى: سأمر بك الساعة الخامسة من بعد عصر هذا اليوم بمشيئة الله…
سوسن: سأكون بانتظارك.. أستأذن…
سلوى: مع السلامة.. وإلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فارس يقول):
فارس: ها يا زياد.. أراك كما أنت.. لقد تغيرت الدنيا وأنت على حالك…
زياد: القديم على قدمه يا فارس…
فارس: ولكن…
زياد: ولكن ماذا؟
فارس: إن السماء لا تمطر ذهباً أو فضة والسعي مطلوب.. والله يأمر به.. حيث يقول: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (سورة الملك، آية 15)..
زياد: صدق الله العظيم، ولكن رزقي ميسور فلم السعي يا أخي…
فارس: في الحركة بركة وفوائد من جميع الوجوه…
زياد: لا أريد إلا فائدة واحدة…
فارس: ما هي؟
زياد: هي الراحة وهذه أنا حاصل عليها والحمد لله..
فارس: ولكن سلوكك هذا مثار حديث الناس وتندرهم…
زياد:
ما لي وللناس لم يلحونني سفهاً
ديني لنفسي ودين الناس للناس
فارس: يا سلام يا زياد لقد تأصل فيك حب الكسل فأصبح مرضاً مزمناً…
زياد: أنت تسميه مرضاً وأسميه سعادة… وللناس فيما يعشقون مذاهب….
فارس: لم لا تحذو حذو صديق العمر…
زياد: من هو؟
فارس: مروان.. صديقك الحميم.. إن الناس يتنبأون له بمستقبل باهر بين أملاك وأصحاب المزارع والأطيان…
زياد: بارك الله له في أملاكه وأطيانه…
فارس: وها هو يقوم بمشاريع زراعية نحو من استيراد الخضراوات والفواكه من الخارج وترفع مستوى الطبقة الكادحة.. أريدك يا زياد…
زياد: تريد مني ماذا؟ أن أقلع عن عادة الكسل والتنبلة على رأي مروان..
فارس: أريدك أن تقوم بعمل سيعود بالنفع على مواطنيك وبني جلدتك… عمل يتذكرك الناس به ويترحمون عليك من أجله..
زياد:
لقد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
ونار لو نفخت بها أضاءت
ولكن ضاع نفخك في الرماد
فارس: لا حول ولا قوة إلا بالله.. سلام عليكم…
زياد: وعليكم…
فارس: حتى تكملة وعليكم السلام تعجز عن أن تقولها… إنك لا تهدي من أحببت..
زياد: مع السلامة.. مع السلامة…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مروان يقول):
مروان: هل تلقيت ما يفيد بوصول بوصول شحنات الفواكه والخضراوات يا سعيد؟
سعيد: لا يا أستاذ مروان؟
مروان: هل اتصلت بالتلكس بوكيلنا هناك…
سعيد: نعم..
مروان: ماذا قال؟
سعيد: قال إنه لم يصله أي شيء…
مروان: ولا عنده أخبار عن الشحنات ولا عن أسباب تعوق وصولها…
سعيد: قال إنه يشك أن طول هطول الأمطار والثلوج المفاجىء والمتواصل ربما تكون هي التي أعاقت وصول الشحنات.. ولذلك فإني أخشى…
مروان: تخشى ماذا؟
سعيد: تلف الفواكه والخضراوات…
مروان: ولكنها موضوعة في ثلاجات…
سعيد: وإذا خربت السيارات؟
مروان: هنالك بطاريات يمكن استعمالها في ضغط الخضراوات لعدة أربع وعشرين ساعة…
سعيد: ما شاء الله يا أستاذ مروان.. يا لمتانة أعصابك.. إني أكاد أجن من تأخر وصول الشحنات إلى المكان المرسلة إليه…
مروان: ((أنا متوكل على الله… ومن يتوكل على الله فهو حسبه)). ثم….
سعيد: ثم ماذا؟
مروان: وإذا أراد الله أمراً فلا راد لقضائه وقدره…
سعيد: اللهم لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللُّطف فيه…
مروان: أحسنت يا سعيد، هذا ما يجب أن يكون عليه المسلم الصابر…
(يسمعون صوت أزيز هو أزيز التلكس.. فيقول سعيد):
سعيد: إنه صوت التلكس.. اللَّهم اجعله خيراً…
مروان: أنظر وتابع ما يقول.. وهات.. وبشر ولا تنفر…
سعيد: اللَّهم اجعله خيراً…
مروان: ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير…
سعيد: وصلت الشحنات سالمة.. هذا ما يقوله الوكيل…
مروان: الحمد لله.. الحمد لله.. أما قلت لك يا سعيد.. ومن يتوكل على الله فهو حسبه..
سعيد: صدق الله العظيم…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سلوى تقول):
سلوى: ما هي أخبار صديقك الكسول يا فارس؟
فارس: صديقي الكسول عنده مرض مزمن ومن الصعب شفاؤه منه يا سلوى…
سلوى: أأنت يائس يا أخي من شفائه؟
فارس: نعم يا أختاه وإنني جد حزين…
سلوى: ألم تفكر في دواء له؟
فارس: أي دواء لما عجز عنه نفس الأطباء وخُلَّص الأصدقاء…
سلوى: وإذا وجدت لك الدواء…
فارس: أنت.. مستحيل…
سلوى: لا شيء مستحيل تحت الشمس..
فارس: كيف ما هو؟
سلوى: التآمر على إيقاعه في شرك الحب…
فارس: ولكن أحاسيسه تبلدت يا أختاه… بل ماتت.. وأهلكها الذي أهلك ((لبد))….
سلوى: ولكن الحب يوقظ الأحاسيس ويبعثها من مرقدها…
فارس: أنت متفائلة جداً…
سلوى: وإذا نجحت فما هي مكافأتي عندك…
فارس: أترك لك ذلك…
سلوى: اتفقنا.. والآن.. أخرج من غير مطرود فإني بانتظار زائرة عزيزة علي…
فارس: حاضر.. سأخرج وإلى اللقاء مع أطيب تمنيات التوفيق لك في مهمتك…
سلوى: شكراً.. وإلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سهى وهي تقول):
سوسن: مساء الخير يا سلوى.. لقد رأيت أخاك خارجاً ومحيَّاه يدل على أنه مهموم…
سلوى: نعم يا أختاه…
سوسن: وأي همّ به كفانا الله شر الهموم…
سلوى: إنه هم صديقه الحميم زياد..
سوسن: زعيم تنابلة السلطان…
سلوى: نعم.. إنه كالثور الأبيض لا أحد يجهله…
سوسن: بل قولي إنه مدار تندر الناس في دورهم ومكاتبهم…
سلوى: ما رأيك يا سوسن؟
سوسن: في أي شيء؟
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مروان يقول):
مروان: ما بك يا زياد.. مريض.. سلامتك.. هل أدعو لك الطبيب.. من هو طبيبك الخاص…
زياد: الطبيب.. لا أحد يعرف طبيبي.. بل طببي غيري…
مروان: أراك تتكلم بالأحاجي والألغاز يا زياد وهذه أول مرة تبتعد فيها عن الصراحة والتكلم بوضوح.. عد إلى طبيعتك فلعلي أساعدك…
زياد: لا لن أقول.. لن أقول…
مروان: أهو مرض خطير لا تستطيع أن تبوح به…
زياد: بلى.. بلى..
مروان: حتى لأشد الناس إخلاصاً لك…
زياد: سأقول لك ولك وحدك على شرط…
مروان: ما هو؟
زياد: أن تكتمه…
مروان: أعدك بذلك…
زياد: إني.. إني.. مريض… بالحب…
مروان: بالحب.. أنت الآن معافى بعد أن نزل بك هذا المرض…
زياد: تقول معافى.. كيف..
مروان: قل لي من هي؟
زياد: سوسن…
مروان: نعم الفتاة.. لقد وجدت الفتاة التي سوف تشفيك من مرضك المزمن…
زياد: أنا في عرضك.. مستعد أشتغل أعمل.. اذهب لآخر الدنيا في سبيل سوسن…
مروان: هل تقبل أن تشترك معي في أعمالي وتكون مديراً لها..
زياد: مدير لها.. هذا كتير لزعيم الكسالى…
مروان: ولكنك بهذا الحب طلقت الكسل إلى الأبد.. هيا.. ما رأيك؟
زياد: قبلت.. وسأضع نصف رأسمالي معك…
مروان: برافو سوسن.. برافو سوسن..
زياد: ولكن اسمي زياد…
مروان: ولكن سوسن هي الدافع (يضحكان)…
زياد: حسناً ولكن…
مروان: ولكن ماذا؟
زياد: سوسن…
مروان: هذه عندي… وسوف يكون زفافك وزفافي في ليلة واحدة..
زياد: ماذا تقول.. أراك تسخر منِّي.. ستزف أنت على من؟
مروان: على سلوى أخت فارس.. وأنت على سوسن ابنة عمها…
زياد: أنا لا أصدق.. أكاد أجن..
مروان: لا تجن ولا حاجة غداً ستعرف.. هيا إلى العمل…
زياد: هيا إلى العمل.. وداعاً أيها الكسل وداعاً لا لقاء بعده..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى وزغاريد وأفراح وصوت سلوى تقول):
سلوى: ها يا سوسن…
سوسن: كنت فإذا بي أغرق لشوشتي.. والحمد لله على هذه النتيجة…
سلوى: وأنا أيضاً أحمد لله على هذه النتيجة.. لقد أنقذ حبك حياة زياد فأصبح عضواً نافعاً في المجتمع الإنساني وأصبح الناس يتحدثون عنه بالثناء والتقدير بعد أن كانوا يسخرون منه…
سوسن: لقد سعى فكلل الله مسعاه بالنجاح..
سلوى: وكان الفضل لله سبحانه وتعالى ثم…
سوسن: لك أنت وفارس ومروان…
صوت صادر من مكان بعيد: بسم الله الرحمن الرحيم وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى صدق الله العظيم (سورة النجم آية 39 - 41).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :772  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج