شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بحيرة العشق
قالَتْ وفي دَمِها من لوعةٍ لَهَبُ:
علامَ عيناكَ يرسو فيهما التَعَبُ؟
وَلِمْ قناديلُكَ الخضراءُ مُطْفَأََةٌ
كأنَّما نَسِيَتْها تلكمُ الشُهُبُ؟
وَلِمْ جوادُكَ جُرْحٌ رُحْتَ تَرْكَبُهُ
فما يَضُمُّكَ بَيْتٌ حيثُ تَغْتَرِبُ؟
فَبِئْسَت الشمسُ إنْ لم تُسْقِنا أَلَقاً
وَبِئُسَت الأرضُ لا ماءٌ ولا خَصَبُ؟
وبئسَ عمرُكَ في التشريدِ تُنْفِقُهُ
نديمُكَ الخوفُ والحرمانُ والسَغَبُ
فقلتُ: عَفْوَكِ، بي من كلِّ ناحيةٍ
جُرْحٌ يُؤرِّق أحلامي وَيَغْتَصِبُ
أنا الذبيحُ الذي عُلِّقْتُ أِزْمِنَةً
على الدروبِ، ظَلومي: أَهْليَ العَرَبُ!
نَذَرْتُ للوطنِ المشنوقِ قافلةً
من السنين، عليها من هوىً ذَهَبُ
وأَصْعَبُ الجرحِ: جرحٌ لا يسيلُ دماً
وأَعْمَقُ الحزنِ: حزنٌ ما له سَبَبُ!
رَضَعْتُ حزناً من الثديين في صِغَري
وإذْ كبرتُ: فحزني إخوةٌ وأَبُ!
أُسامرُ الكأسَ لا حُبّاً بِنَشْوَتِها
لكنَّ ذُلِّيَ في آفاقِها: طَرَبُ!
أُخِيطُ جرحيَ بالسِكّينِ، يحرقني
ماءٌ، ويُثْلِجُني في جَمْرِهِ اللَهَبُ!
عريانُ تُلْبِسُني الذكرى عباءَتَها
وفي بحيرةِ عشقي يَغْرَقُ الخَشَبُ!
أما عبرتُ بحاراً دون أشرعةٍ
وفي حقول فؤادي أَعْنَبَ القَصَبُ؟
فكيف يُثْكِلُني عشقي، وَيَذْبَحُني
عُشْبي، فَيَفْرَع في أشجاريَ الجَدَبُ؟
* * *
فيمَ العِتابُ؟ وماذا يَنْفَعُ العَتَبُ؟
أنا دُخاني وناري.. بل أنا الحَطَبُ!
عَشِقْتُ "دجلةَ" لولا أَنَّ طاغيةً
على العراقِ – يداهُ الجوعُ والجَرَبُ!
فكيف أطلبُ من غاباتِهِ عِنَباً
هذا الذي عَزَّ من بُستانِهِ الكَرَبُ؟
يا عاشقاً لم تُسامِرْ قلبَهُ امرأةٌ
وسامَرَتْهُ دواةُ الحِبْرِ.. والكُتُبُ
يا راحلاً زادُهُ جرحٌ وَمَسْغَبَةٌ
وماؤُهُ في صحارى حزنِهِ الغَضَبُ
أَكُلَّ مَطْلَعِ فجرٍ ثَمَّ مَذْبَحَةٌ؟
وكلَّ مَهْجَعِ ليلٍ ثَمَّ مُضْطَرَبُ؟
وإنَّ من عَسَفِ الدنيا – وقدْ هَرِمَتْ –
أَنْ يكذبَ الصدقُ أو أن يصدقَ الكَذِبُ!
بيْ للأحبةِ شوقٌ ما عرفتُ لهُ
صَبْراً، ودون مُنايَ الضَيَّمُ والرُعُبُ
للواقفاتِ حياءً خلفَ نافذةٍ
يكتُمْنَ وَجْدَ فؤادٍ شَفَّهُ الوَصَبُ
لعاشقٍ تبعثُ السلوى رَبابَتُهُ
تَهُزُّني – فإذا شوكُ الهوى عِنَبُ!
وخاشعين إذا قام الأذانُ بهمْ
صلّى فمٌ طاهرٌ والخافقُ الخَضِبُ
وإِخوةٍ ليَ ما ضاقَتْ شواطِئُهم
يوماً، ولا مرةً في دِينهم كَذَبوا
نشقى فَنَرْضَعُ من إيمانِنا لَبَناً
وإذْ يحينُ رحيلٌ فالتُقى أَرَبُ
وَرُبَّ ظُلْمَةِ ليلٍ رغم قَسْوَتِها
أضاءَها حُلُمٌ، أوْ شَفَّها أَدَبُ
وَلَسْعَةٍ من سياطِ القهرِ تَجْلِدُنا
تَشدُّنا للمنى، والفجرُ يقتربُ
* * *
آهٍ على وطنٍ كاد النخيلُ به
يكبو، وَيَبْرَأُ من أَعْذاقِهِ الرُطَبُ
وكاد يَبْرأُ حتى من كواكِبِهِ
ليلٌ، وَيَخْجَلُ من أجفانِهِ الهُدُبُ؟
لا يا حبيبة، هل يُشقيكِ قَفْرُ يدي؟
ليَ الضنى، ولغيري الجاهُ والرُتَبُ
يَظَلُ فقريَ أسمى من وجاهَتِهم
ما دمتُ – من شرفٍ – للطهرِ أَنْتَسِبُ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2725  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 26
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.