شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آل بيته الكرام الطاهرين وأصحابه الغرّ الميامين.
أصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة..
الأخوة الأكارم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يطيب لي أن أرحب باسمكم جميعاً بضيوفنا الأفاضل الذين شقوا أجواز الفضاء من الرياض لإسعادنا بصحبتهم الماجدة، في أمسية مميزة، تشكل علامة فارقة في مسيرة اثنينيتكم التي تخطر في عامها الثاني والعشرين، فما أسعدنا اليوم بهذه الوجوه التي تفيض بِشراً، فكم تألقت بمصافحة وجه علامتنا الجليل الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- الذي نحتفي بأعماله وآثاره هذه الأمسية، فكما تعلمون أن الاثنينية قد دأبت على تكريم الرواد والمبدعين في مجال الكلمة وغيرها من مجالات العطاء الإنساني وهم يتنفسون عبير الحياة بين محبيهم، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تكريم أحد أعلامنا بعد رحيله إلى جوار ربه، وهي بداية أحسب أنها تصب في قناة البدعة الحسنة، التي آمل أن تتواصل لتحظى الاثنينية بتكريم علم من الراحلين من وقت إلى آخر، واثق في أنكم توافقوني أن هذا التوجه سوف يؤدي تدريجياً إلى سد ثغرة أخذت تتسع في سعينا لتوثيق مسيرة بعض الرجال الذين أسهموا بجهد مشكور في حركتنا الثقافية الفكرية، وإن كان سبق آجالهم -رحمهم اله - لتكريمهم من خلال الاثنينية حدث هذا الشرخ الذي سيتم رأبه في المستقبل إن شاء الله.
واسمحوا لي أيها الأحبة أن يكون حديثي عن المحتفى به في هذه الأمسية من زاوية مختلفة، لأن الأمسية في مجملها غير عادية، فلن أتناول آثاره الأدبية والعلمية، ولا كتب التراث التي حققها، ولا نشاطه الصحفي، ولكني ببساطة سأغوص في ذكرياتي مع الراحل المقيم، متكئاً في ذلك على دفء رصيدٍ أعتز به من الرسائل الخاصة التي تبادلناها بشغف كبير رغم شواغله التي تعلمونها، وانتزعنا سويعاتها التي لا تقدر بثمن من غول الوقت الذي يلتهم كل شيء بلا رأفة، فكانت حصيلتها ولله الحمد برداً وسلاماً ووابلاً هتوناً، أحيا مواسم الجفاف والتصحر وحَسُّوناً غرداً في وقت يُحمدُ فيه الصمم.
لقد جاءت محطة تكريم علامتنا الجليل منذ بدايات هذا المنتدى، ولكن جدنا العاثر أبى ذلك، وكان اعتذاره عن لقائكم لطيفاً كعادته -رحمه الله- في كريم تعامله مع الجميع، فهو يقول بتاريخ 10/5/1408هـ الموافق 28/3/1988م: (ما أشوقني إلى ذلك المجلس، وما أشد تطلعي أن أشاهد البِشْرَ والابتسام، إلا أنني أعيش هذه الأيام تحت رحمة الأطباء في حِلي وترحالي، وأكلي وشربي، بل في أمري كله، فامنح أخاك نظرة من نظراتك الصائبة إلى ظروفه تلك، وأُفضِل عليه بتقبل عذره في إرجاء الاستجابة للدعوة الكريمة إلى وقت يتسنى له فيه تلبيتها شاكراً ومقدراً) ومضت الأيام، وها هو مجلسكم يحتفي بشيخنا وعلامتنا الجليل وهو في جوار رب رحيم غفور ودود، وأعماله حولنا تُثري وجداننا، وتزحم راياتها آفاق المعرفة في وطننا العربي الذي يمتد من الماء إلى الماء.
ولعلي أستطيع أن أرسم من خلال كلماتي صورة تقريبية للراحل العزيز في تواضعه ودقته وحرصه على التوثيق، وكلماته وعباراته التي ينتقيها بعناية تامة، وأدب الكبار الذي يسم معاملاته، ويتجلى واضحاً في لغة الخطاب التي يطل منها على آفاق الآخرين، فينهلون من معينه الذي لا ينضب، ويحلقون عبر فضاءاته اللانهائية.
وأول ما يتبادر إلى الذهن لقب (علامة الجزيرة) الذي التصق بشيخنا الجليل، كيف يرى هذا اللقب؟ وماذا يشعر نحو هذه الصفة؟ فاقرأ إن شئت ما شَرُفتُ بتلقيه منه بتاريخ 22/11/1420هـ الموافق 27/2/2000م حيث يقول: (وأقولها كلمة حق وهي أن وصفي بـ "علامة الجزيرة" وصف لا أرتضيه، فرحم الله امرأً عرف قدر نفسه، وأنا أعرف الناس بنفسي، لستُ علامة ولعل هذا اللقب ألصقه بي أحد العابثين فتداوله بعض الكُتّاب الذين يجهلون حقيقة الأمر).. انتهى.
إن وقفة قصيرة مع هذه الكلمات توحي بمدى التواضع الذي يحمله الراحل العزيز، ورغم أن كل ألوان الطيف الثقافي والفكري في بلادنا الغالية وكثير من الدول الصديقة يحفظ لشيخنا الجليل مكانته العلمية، ويعترف له بالأستاذية والمشيخة، إلا أنه يرفض لقب (العلاّمة) ولكم أن تعلموا إنني رغم ذلك ظللت أكتب إليه بهذه الصفة لأنني أدرك في قرارة نفسي أنه يستحقها، ولو أسعفني القاموس بكلمة أعمق معنىً لما توانيت في وصفه بها -رحمه الله- .
وتمهيداً للرسالة التـي أشرت إليها آنفـاً.. كتـب إليّ بتاريخ 8/11/1420هـ الموافـق 13/2/2000م، بحميميةٍ محببةٍ إلى النفوس، بخصوص الألقاب التي يبدو أنها كانت تُشكِّل هاجساً بالنسبة له، فاسمعه يقول: (عفواً عن عدم استعمال الألقاب التي اعتاد كُتّاب هذا الزمان تصدير كتبهم بها كـ (صاحب المعالي وصاحب الفضيلة وصاحب السعادة وصاحب...) فهي ألقاب وضعتها دولة أعجمية تجهل تعاليم الإسلام، وأن الله اختار للمسلمين لقباً واحداً هو الأخوة الإسلامية "إنما المؤمنون إخوة" وهذه الألقاب مما يوجد فوارق بين طبقات الأمة، ومنزلة الأستاذ عبد المقصود في نفسي أرفع منها، فقد ابتذلت وأصبحت تطلق على من لا يستحقها.
أما اثنينيتكم، فقد احتلت مساحة طيبة في فكر ووجدان شيخنا الكبير -رحمه الله- حيث وصفها في ذات الرسالة السابقة بأنها (تكون موسوعة معرفية لصفوة مختارة من مثقفي الأمة من هذه البلاد ومن إخوانهم من البلاد الأخرى)، وهي شهادة حق لنا جميعاً أن نعتز بها، لأنها من عالِم ثبت جليل لا يلقى القول على عواهنه، ويمقت النفاق ولو جاء من قبيل المجاملة، لأن روحه وتربيته العلمية لا تسوغ له ذلك بأي حال من الأحوال.
ولعلامتنا الراحل آراء تمتاز بالجرأة والصراحة والوضوح حول بعض الشخصيات الأدبية والأسماء اللامعة في دنيا الكلمة، وهي آراء تبقى في ذمة التاريخ، وقد يأتي اليوم الذي تجد طريقها إلى النشر بطريقة أو بأخرى، وهي أمانة لدي كتبت ببعض منها لأخي معن الجاسر.
ومن أفضال شيخنا وعلامتنا الراحل المقيم، أنه أشار في عام 1408هـ إلى أهمية جمع مقالات سيدي الوالد -رحمه الله- وطباعتها كاملة في كتاب مستقل.. وبحمد الله تحققت هذه الرغبة التي كنت أتطلع إليها كثيراً بفضل الله ثم جهود أستاذنا الكبير حسين عاتق الغريبي، وصدرت بعنوان "الأعمال الكاملة للأديب السعودي محمد سعيد عبد المقصود خوجه" عن سلسلة "كتاب الاثنينيـة" عام 1422هـ/2001م، وهذا دليل واحد على بعد نظر وحصافة علامتنا الكبير.
ومما لا شك فيه أن كثيراًُ منكم لاحظ اهتمام ودقة شيخنا المفضال -رحمه الله- فيما يتعلق بتصدير رسائله بالرقم والتأريخ فلم تصلني منه قط رسالة غفل عنهما، وكأني به ينظر بعيداً إلى قيمة ودلالات تلك الرسائل بعد سنوات طوال، إنه أسلوب العالِم العارف بما يكتب ويرصد.. المدرك لمجريات الأحداث، والمقدر كل كلمة يسطرها ويزنها بميزان الأمانة التاريخية والتراث الذين وهبهما جل حياته.. -رحم الله- علامتنا الجليل الذي نحتفي الليلة بآثاره وأعماله، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وأن ينفع به المسلمين.
أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم مجدداً في هذا اللقاء الماتع، متطلعاً إلى لقائكم الأسبوع القادم للاحتفاء بالأديب الباحث الأستاذ أحمد العلاونة، الذي قَدِمَ من الأردن الشقيق ليسهم معنا هذه الأمسية، وليسعدنا بلقاء خاص مساء الاثنين القادم نشرف فيه بتكريمه، وإلقاء الضوء على تجربته القيمة في البحث والتأليف، ويرجع الفضل في ذلك بعد الله لأستاذنا الكبير الدكتور عبد الرحمن الشبيلي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عريف الحفل: السادة الحضور الحقيقة بين يدي بيان بأحد عشر اسماً سوف يتحدثون في هذه الليلة، وكما يعلم الكثير منكم بأننا نفتح باب الحوار بعد الانتهاء من الكلمات والحوار بينكم وبين أصحاب المعالي والسعادة المشاركين في الاحتفاء بالشيخ حمد الجاسر، فنأمل باسمكم أن نختصر في هذه الكلمات حتى نفتح باب الحوار ونعطي فسحة أكبر من الوقت.
يسرني ويشرفني أن أحيل الميكروفون لمعالي الدكتور الشيخ محمد عبده يماني، المفكر والكاتب الإسلامي المعروف ووزير الإعلام الأسبق.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1001  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 140 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.