شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الله المعطاني
أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ))
- بسم الله الرحمن الرحيم، لعلي سأستعير المتنبي من صاحب المتنبي الأستاذ حسن عبد الله القرشي وأقول:
أبنت الدهر عندي كـل بنت
فكيف وصلت أنت من الزحام
جرحت مجـرحاً لم يبق فـيه
مـكان للسيوف ولا السهام
 
لعل في هذا ما يعذرني إذا لم أقم بواجبي تجاه هذا الأستاذ الكبير في كلمتي فحمى المتنبي قد ألمت بي، ما أتيت إلى الاثنينية قط إلا وحاولت أن أهيئ نفسي للحديث وأطرح ما أطرح وأبقي ما أبقي من هذه الفكر لأن الاثنينة في نظري هي إشكالية كإشكالية النقد في تعريفه، فالنقد عند العرب هل هو علم أم ذوق ولذلك قالوا هو العلم الذي يفسح مجالاً للذوق وهو الذوق الذي يفسح مجالاً للعلم.. فالاثنينية هي دار تكريم وفي بعض الأحيان المداخلات العلمية والمناقشات تأخذ شيئاً من التجريح أو الجرأة، والتجريح ينافي تماماً التكريم، ليس هذا مقدمة لشيء وإنما هي خاطرة فقلتها أريد أن أقف عند الأستاذ خالد في جنس أدبي رائع وأعترف أنني لم أقرأ ما كتب بالإنجليزية إذا كانت هناك مسرحيات، وفي هذه الليلة عرفنا جانباً آخر من الجوانب المعرفية في هذا الأديب والكاتب وهذه من فضائل الاثنينية التي تختار الرجال وتختار الأدباء الذين يستحقون أن يكونوا في هذا المكان.
السخرية في تصوري أنه جنس أدبي رائع، ولم يعط ما يستحق في أدبنا العربي خاصة من الناقدين أو من الباحثين المحدثين، طبعاً بدأت السخرية إذا أردنا أن نضرب أمثلة مثلاً بالجاحظ في أسلوبه وبعد ذلك بأبي العلاء المعري كما تفضل الأستاذ عبد المقصود في رسالة الغفران وقد كون أكثر دقة في السخرية من شعره، وكذلك وجدت عند ابن شُهَيد في رسالة التوابع والزوابع في الأندلس، أما الشعراء الذين كانوا يسخرون من الحياة ومن الناس ومن الواقع فهم كثر، وحدث ولا حرج من أبي دلامة إلى غيره، في الواقع أن الأستاذ خالد حينما امتطى صهوة هذا الجنس، في تصوري أنه لا يمكن أن يتأتى لكل أديب أو لكل شاعر لأن السخرية هي تحويل المعرفة الممتعة إلى معرفة واعية دقيقة وبالتالي يستطيع هذا الساخر من الأدباء أن يقول أشياء كثيرة من خلال هذا الجنس المتميز، بل أنه قد لا يفهم في عصره، فهناك كثير من الشعراء ومن الأدباء الذين كتبوا بهذا الأسلوب فُهموا فيما بعد، وهو جنس موجود في الحضارات المتعددة وليست الحضارة العربية أو في اللغة العربية فقط أو في التراث العربي، وإنما هو موجود في كثير من الحضارات واللغات والآداب العالمية ويستطيع من خلاله الكاتب أو الشاعر أن يوصل رسائله بطريقة ممتعة وبطريقة واعية، كل ما أقرأ عمود الأستاذ خالد في "الشرق الأوسط" وهو "أبيض وأسود" وما أدري لعله لم يرد أن يقول: حياة وموت، إنما قال أبيض وأسود.. كل ما أقرأ هذا الأسلوب الرائع، هذا العطاء المتدفق من خلال المتعة أتذكر قول أستاذنا الكبير رحمة الله عليه عاشق الأندلس وباحثها الدكتور حسين مؤنس حينما تحدث عن أدباء العرب الذين عاشوا في أسبانيا وقال هناك زرعت أشجار عربية في أرض أوروبية فلعل الدكتور خالد من هذه الأشجار بل أنه نخلة باسقة أتت من بلاد العرب لتعيش في بلاد الغرب طبعاً، ولكنها تعطي عطاء مميزاً ومتدفقاً كما في الحال بالنسبة لكثير من الكتاب الذين حكت الغربة زنادهم وقدحت فيهم الإخلاص والوفاء لقضايا الأمة العربية والإسلامية.
أحييك يا سيدي باسم مثقفي وأدباء جدة هذه البلدة التي تضرب في جذور الحضارة العربية بل إنها التي أسست الحضارة العربية أدباً وفكراً وشعراً وموسيقى منذ عهد بعيد، أهلاً وسهلاً بك وشكراً للأستاذ عبد المقصود أن أتاح لي هذه الفرصة. والسلام عليكم.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :609  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 58 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.