شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة فضيلة الدكتور الشيخ محمد أديب الصالح ))
- الكلمة الآن لفضيلة الدكتور الشيخ محمد أديب صالح:
- بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله معلم الناس الخير، وعلى آله وصحابته ومن والاه، وبعد: فإنها لليلة مباركة إن شاء الله نلتقي فيها على هذا الخير الذي سمعتم الكثير عنه، وهنالك الكثير غيره في شخص أخينا الكريم الأستاذ محمد زهير الشاويش، ولعلي لا أتعجل الكلام إذا شكرت صاحب هذه الاثنينية جزاه الله تعالى كل خير، لهذا الجهد الطيب، والغرس الطيب، ومد الجسور لاتصال القلوب والعقول والأفكار، وجعل أهل الكلمة يحققون ما بينهم من نسب، وأرجو الله تبارك وتعالى أن تكون هذه الاثنينية دائماً وأنا أُشرفُ بحضورها لأول مرة أن تكون دائماً في خدمة الإسلام والعربية والحق على وجه العموم. ما قيل في أخينا أبي بكر كلام يتخذ الطابع العلمي التقنيني، ولكن للتاريخ دائماً كلمة لا بد أنه قائلها، ولست الآن بسبيل أن أعيد وأكرر تلك الفضائل التي سمعتم بعضها الآن، ولكني وقد جاءت الدعوة إلى الكلام في الرأس بعض التصدع لا بد من أستميح التاريخ عذراً بكلمته. فأمر ولو مروراً عابراً على بعض الأخلاق والوقائع التي جمعتنا مع أخينا الأستاذ زهير أبي بكر في الماضي وأبي بلال الآن، ليس سراً أن أقول إن أول صورة انطبعت في ذهني عن أخينا أبي بكر هي صورة حرقته على الدعوة الإسلامية، فقد كان يحاول منذ أيام الشباب الأولى، وأرد ذلك بالنسبة إلى علمي إلى سنة 1947م، حيث كان يحاول أن يتصيد بمنهجية الشباب الذين يُتَخَيل أن يكونوا قادرين على سلوك طريق الدعوة يتوسم فيهم خيراً، يتوسم فيهم استعداداً للعلم إلى غير ما هنالك، إنها لمحمدة كريمة كانت أول صورة انطبعت في ذهني عن أخينا أبي بكر، وتوالت الأيام وبدأت أكتشف كل يوم جديداً في هذا الأخ الكريم سخاء يد وكرم خلق ونظرات طيبة بعيدة بالنسبة للأمة وتركيب المجتمع السوري بخاصة، وليس هذا ببعيد عن من عاش في تلك الحقبة الزمنية بالنسبة لسوريا وما حولها: وما كان هنالك من الصراع الفكري الذي ولّدهُ القضاء على الخلافة العثمانية، فكنا ونحن طلاباً وفيما بعد، ونحن نعاني مهنة التدريس لا نجد أنفسنا على ساحة نقوم فيها بأكثرَ مما يقوم فيه أخ مثل أبي بكر، وعندما أنشأ المكتب الإسلامي كان لهذا الإنشاء صلة بهذا الفكر، وقد أدى هذا المكتب غرضاً عظيماً، والذي يعرف اتجاه أبي بكر الفكري ويعرف الأسس التي قام عليها المكتب الإسلامي يشعر بالقنوات التي تربط ذلك الفكر وهذا المكتب، والحق أننا لو أردنا أن نتوسع في هذه القضية الفكرية وما كان هنالك من تحد وصراع في بيئتنا هنالك لطال بنا الحديث، ولكن ما دام للتاريخ كلمة فلنقفز بعض القفزات، يعني أخونا أبو بكر عنده هواية لحل العُقد، هواية لحل المشكلات، وقد يُسَرُ أن تكون هنالك مشكلة ويدخل هو في حلها، حدث مرةً أن كنا في بيروت ودعانا بعض إخواننا إلى جلسة عجيبة جداً، إن فتاة مسلمةً محجبةً وأبوها رجل صالح طيب، من إخواننا تدعي أن جنيا يتعامل معها وبدأت الجلسة وفي ساعة معينة تتكلم فعلاً كلام رجل، يعني كلنا جالسون، الفقير إليه تعالى وأبو بكر وبعض إخواننا الآخرين، وبدأ هذا المخلوق يتكلم ومما قاله إنه متتلمذ على حلقات الشيخ سعيد الطنطاوي ويقرأ الفقه والتفسير والحديث وكذا، فبادره أبو بكر، كلنا قلنا كلاماً مختصراً، أما أبو بكر ما شاء الله شمر عن ساعد العراك مع هذا الجني، كيف لك يا أخي يصح لك أن تفعل هذا كيف تؤذي هذه الفتاة، كيف كذا، هي لا تريدك، من قال لك أنها تريد أن تتزوج بجني، يقول ذلك يا أخي أنا مسلم، ونسمع هذا الحوار الساخن بينهما، وفعلاً تغلب أبو بكر على هذا الشخص الذي كنا نرى بأنه هو المتلبس بهذه الأخت الكريمة، على كل ليس موضوعنا الآن أن نبحث في الجن والتلبس والخروج والدخول ليس هذا بحثنا، لكن المهم كما قلت للتاريخ كلمة، المهم عندما خرجنا قلت له: يا أبا بكر حتى الجن لم يسلموا منك، وطبعاً هو سُر بهذا واعتبره مثل ترقية في الجيش، قلت له حتى الجن لم ينتهوا منك، وقبلها أو بعدها ذهبنا إلى المطعم ويعلم هو أن صلتي بالسمك صلةٌ سيئةٌ للغاية وهو يحملني التفت كذا فيضع على الخبز شيئاً من دهن السمك ويجبرني على هذه نأتي بطعام آخر فلا يرضى وهو ما شاء الله مسرور جداً بهذا، وأنا مسرور بدعابته ولكن أجاعني يومها سامحه الله … لكن ما شاء الله في منزله دائماً يعني لإخوانه جولات وصولات..
الحقيقة الأخ أبو بكر فيما أشير إليه هنا قضيته قضية فلسطين وأشهد أنه فعلاً ذهب مجاهداً وعمل عملاً جاداً وهذا هو الامتحان الحقيقي في تلك الحقبة، يعني أن تجد الشاب المفتحة أبواب الحياة أمامه فعلاً يكون همه أن يستشهد في سبيل الله تعالى وأن يبذل ما يستطيع على ساحة يأمل فيها مرضاة الله تبارك وتعالى وهذه الشهادة في سبيل الله، الحقيقة لو أردت أن أتابع هذه القفزات لاتسع بنا الحديث.
بعض القضايا التي قد لا يذكرها هو هي أني أعجبت بشكل مبكر بحبه للكتاب، نحن الشباب كنا نرى جامعيين وأننا ندرس في حلقات المشايخ وكذا عندما سعدنا بحضور مؤتمر القدس سنة 1953م حيث كان سيد قطب رحمة الله عليه والشيخ البشير الإبراهيمي وصالح العشماوي ورجال كبار، وأشهد أن المؤتمر كان نظيفاً يوم ذاك وكان الشيخ محمد محمود الصواف رحمه الله لولباً عظيماً فشرفنا يوم ذلك بحضور المؤتمر، وكان شيخنا ورئيسنا وأستاذنا الشيخ الطنطاوي قواه الله وعافاه وأعانه وجزاه عن هذه الأمة كل خير، وكان أيضاً في عضوية هذا الوفد الأستاذ عصام العطار وأخونا أبو بكر وأخوكم الشيخ أديب الصالح، الحقيقة الذي استوقفني يوم ذاك بالنسبة لأبي بكر بجانب نباهته لما يقال وصلاته بهذه الشخصيات ومحاولة أن يستطلع أخبار العالم الإسلامي من خلالهم وأن يفيد من بناء هذه الشخصية مع هذا ومع ذاك، ولا يترك شاردةً ولا ورادةً وهذه أثرت تأثيراً عظيماً في تكوينه.
إلى جانب ذلك قضية المكتبات، يعني مسارب مدينة القدس التي يبكي القلب عليها الآن وهي سجينة الاغتصاب اليهودي وأذناب اليهود، يعني ما عرفت طرقاتها ومساربها ومداخلها إلا من خلال أبي بكر جزاه الله خيراً؛ يقول لي هناك مكتبة في الحارة الفلانية تذهب إلى المكتبة ننزل نصعد أدراج كذا يعني داخل القدس شيء عجب الحقيقة، وكنت أتمنى لو تكررت هذه لكن كانت المرة الوحيدة في حياتنا سنة 1953م.
مثل هذا أيضاً في لبنان أشهد بأنه كان يشجعني بالتعرف إلى المكتبات، ونشتري كتباً فكنت أنا حسب الظاهر أقول طيب أبو بكر ما علاقته بهذه القضايا، يعني ما أعرف تفصيلات، وهو لا يدعي الحقيقة لكن يعني هذه ظاهرة كنت أتوقف عندها كثيراً رغبة أبي بكر في الكتاب، لكن الآن عندما تشعر أنت بوجود المكتبة مع المكتب الإسلامي ليس كل ناشر يجمع مكتبة، الحقيقة العناية بهذه المكتبة وجمعها يدلان على شيء أصيل في النفس بالنسبة للرغبة في الكتاب والصلة بالكتاب، يعني مرة أذكر احتجت إلى موضوع وجزاه الله خيراً فتح لي أبواب المكتبة، مخطوطها ومطبوعها، وتقريباً داومت فيها ما يقرب من أسبوع، ورأيت ما شاء الله العجب العجاب، وهذا الكلام قديم مضى عليه أكثر من ربع قرن نمت بعد هذا نمواً عظيماً جداً، لا شك أن هذه محطة من محطات الفكر والتوجه عند أخينا أبي بكر لا بد أن يوقف عندها، وفي مرة من المرات كان يأتي بجزء من الأعلام للزركلي رحمه الله تعالى ويضع بعض الملحوظات يقول: ألا ترى يا أخي هذه كذا، ألا ترى هذه يجب أن تقدم، ألا ترى هذه يجب أن تؤخر فكنت أحس فعلاً بأن أبا بكر ليس غاوياً لجمع الكتب فقط، ولكنه على صلة بمكتبته ولا يبخل على إخوانه جزاءه الله خيراً أبداً..
لا أريد أن أطيل عليكم أكثر من هذا، ولكني أود القول بأن كلاً منا له وعليه فأخونا أبو بكر والمتحدث عنه وكلنا لسنا مبرأين من المآخذ والهنات، ولكن الجلسة الآن ليست جلسة محاسبة فنحن نعرض هذه الصور المشرقة التي نعرفها ونعتقدها وإن كان عليه مآخذ كما علينا مآخذ نرجو الله تبارك وتعالى أن يعيننا على تلافيها وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وما أجمل أن يكرم العاملون يا إخواني وما أجمل أن يكرم الرجال، وما أجمل أن يتربى الجيل على احترام العاملين في الجيل الذي قبله، يعني أمر منكر جداً أن يتربى شبابنا لا سمح الله على إنكار الجميل على عدم الإعتراف بالفضل إذا جاء جيل لا يعترف بفضل الجيل السابق معناها تمزقت حلقات التاريخ، أما إذا كان كل جيل له أدبه وعنده القدرة على الانتفاع بمن سبقه فهذا أمر طيب جداً، وهنا في الحقيقة يأتي الدور العظيم لهذا اللقاء الطيب أرجو أن يكون من ورائه الخير الكثير.
وعندما عمل أبو بكر في السياسة أيضاً عمل مقاتلاً في أول يوم من أيام مجلس النواب بدأت المشكلات، طبعاً هو يحب المشكلات كما قلنا وبعض القضايا الفقهية، بعض القضايا الربوية، قضية تحريم الخمر وكذا، الحقيقة جاهد جهاداً طيباً وإن كنت أختلف معه في بعض الآراء حتى سلفيته أحياناً كنا نختلف في بعض القضايا، ولكن الاختلاف لا يفسد للود قضية لأن هنالك حصيلةً أساسيةً هنالك أساس والحمد لله التقينا على الأخوة في الله، يعني كثير من القضايا الجزئية يعلم أبو بكر أني أخالفه فيها مخالفة يقينية وأنا أعلم أنه يخالفني فيها مخالفة يقينية، ولكن لله الحمد لم يكن ذلك في يوم من الأيام سبباً لتنافر القلوب، يعني الاجتهاد ممكن تختلف وجهات النظر من هنا ومن هناك. وإن كان هو في حياته العملية وما حصل له بدأ يصدق بعض نظرياتنا السابقة، على كل أرجو الله تبارك وتعالى أن يكون من وراء ذلك خير كثير، وأعود إلى تجديد الشكر إلى صاحب هذا الميدان الطيب الفسيح وهذه المزرعة الكريمة للخير التي تستنبت الخير، ولهذه القنوات التي تصل بين القلوب والعقول. وتكرم أهل الفكر وأهل الفقه والأدب، كما أعود بالدعاء مرة ثانية أن تعمل هذه الاثنينية وتوفق دائماً لخدمة الإسلام والعربية والحق وأهل الحق بوجه عام..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم وسامحوني إذا كنت قد أتعبتكم ببعض القفزات لأن التصدع في رأسي يداعبني بين الحين والآخر ولكن نستشفي إن شاء الله بكلمة الحق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :737  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 143 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج