شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-3-
المكان: وراء ضباب الليل!
الزمان: باعث التلفت!
الصوت: أصداء أنفاس!
الرؤية: من سقف الغرفة!
* * *
- قالت له: إنني لا أخاف من شيخوخة الجسد والعمر.. لكنني أخاف عليك من شيخوخة القلب، وشيخوخة الفكر!
- قال: حتى هذه اللحظة أشعر أن قلبي يمرعه هذا الاخضرار بلون الزرع.. فلن يشيخ حتى النفس الأخير، ولكن.. ألا يلفك الخوف أحياناً من أن تؤثر شيخوخة الجسد على هذا الاخضرار في قلبي؟
- قالت: أنت تعرف نفسك أكثر مني.. فهل تخاف من هذا التأثير؟!
- قال: لو فقدتك.. لن أعرف نفسي، لأنك في عمري تروين هذا الزرع المخضر في قلبي، وعندما تكونين بجانبي دائماً.. أكون متفائلاً بربيع القلب!
- قالت: الحب يترعرع وينمو ويتسلق كالأغصان.. إذا حافظنا عليه!
- قال: وقد يصاب القلب بشيخوخة متسرعة.. إذا مارسناه كمادة في فعل توحد الجسد!
- قالت: أنت تعود ثانية إلى تخليك، ولكن الحب يبقى حتى بالماديات، بل يتبلور وينضج ويثمر الميلاد الذي يشكّل تواصل الحياة حتى بعد موت الحبيبين!
- قال: ولكن المواقف الحياتية تتخلل حميمية الحب، وتتحول إلى مشاكل وصدام.. وفي غمرة ذلك الصدام قد يموت الحب!
- قالت: أيهما أقوى وأرسخ إذن.. تأثير الحب الصادق الذي يفتت المشاكل، ويرتفع بالخلافات تحت سقف البيت الواحد حتى يذوبها، فلا يبقى في النتيجة سوى الحب.. أم الأقوى والأرسخ هو تأثير الماديات والتعامل في الحياة.. فيكثف الخلاف ويقضي على الحب؟!
- قال: في أكثر التجارب.. ثبت تأثير المادة عندما تبرد العاطفة، أو تتحول إلى شركة مساهمة.. كل طرف فيها يريد أن يكون هو الأقوى، وهو المهيمن، وهو المؤثر!
- قالت: ولكن الإنسان يسكن في الزمن الآمن.. والأمان بعمقه ويحفره الحب في القلبين اللذين توحدا، وقبلا أن يكونا خفقة واحدة!
- قال: ألا تعتقدين أن في هذه الصورة استغراقاً في الحلم وفي الرومانسية والخيال؟!
- قالت: اكتشفت فيك أنك تدافع عن الحب بإحساسك، وتلونه بكلمات زاهية فقط، ولكنك لا تباشر ذلك الإحساس فعلاً، ودفاعاً بالقدرة وبالتجربة.. فكأنك بذلك ترسم عواطفك على الورق وتعجز أن تجسد خفقك وإحساسك!
- قال: أنا أدافع عن الحب بإحساسي فقط كما تقولين، ولكنني أحاول أن أبصر ما بعد التخيل في ذلك التجسيد، وأحاول أن أملأ الدلو كله لأرى متى يفيض وما الكمية التي يحتفظ بها؟!
- قالت: وبهذه النتيجة التي توصلت إليها.. ما هي الكمية التي يقدر الدلو أن يحتفظ بها؟!
- قال: لا أنكر أن دلو العمر -الصاعد والهابط- في معنى التعامل والاحتكاك اليومي، سيبقى محتفظاً بكمية كبيرة من الحب، لئلا تكون النتيجة فراغ الدلو، فالحب يبقى في عمق النفس.. ولكنه يتعرض باستمرار لمؤثرات الماديات وضرورة الاحتكاك!
- قالت: وطالما بقي هذا الدلو محتفظاً بكمية الماء أو الحب، القادرة على إرواء القلبين.. فإن المشاكل والماديات والاحتكاك اليومي.. أشياء ضرورية لاستمرار الحياة. ألم يقولوا: إن المشاكل هي ملح الحياة؟!
- قال: ولكنني أراك في بصيرتي ومشاعري هذه اللوحة المتكاملة الجميلة الناصعة!
- قالت: وتخاف أن تتشوّه اللوحة بالاحتكاك وبالمشاكل؟!
- قال: ولحظتها.. ستختلط ألوان اللوحة، وتتبدل صورتي في إحساسك!
- قالت: وقد تتبدل صورتي أنا في إحساسك. ولكن.. هل تعرف أنك بهذا التصور تتهم صدق حبي لك، وتعتبره لا يقوى على تفتيت المشاكل، ولا على اجتياز الماديات؟!
- قال: كل فعل له رد فعل.. أليست هي قاعدة، تتضخم بالذات في تصرف ولو صغير بين اثنين ارتبطا بالحب؟!
- قالت: في الحب الحقيقي لن يكون هناك فعل متهم.. بل هو فعل مجتهد، والحب -يا حبيبي- لا يدين لينزل العقاب، ولكن الحب يتجاوز، والحب -يا حبيبي- لا يدين لينزل العقاب، ولكن الحب يتجاوز، ويدافع، ويجلو الصدأ والغبار، ويكافئ على لحظة حب صادقة أمام أيام وساعات من الاجتهاد المخطئ!
- قال: وهل تبقى الأحلام بعفويتها وطهارتها.. أم أن النفس البشرية تعاني بعد ذلك من التراكمات، ومن استمرار الصفح، ومن الاستمرار في تنقية الابتسامة؟!
- قالت: النفس البشرية تعفو بلحظة حب صادقة، فتمحو تلك اللحظة كل الأخطاء، أو الانفعال!
- قال: ولا ينهزم الحب أبداً؟!
- قالت: من الممكن أن أرتضي بهزيمتي لنفسي، أو لمطالبي أمام من أحب، ولكني لن أرضى الهزيمة أمام الناس، ومعهم!
- قال: هل رأيت؟!.. من الممكن أن يتصرف الحب بهزيمة الطرف الآخر أمام الناس.. فماذا أنت فاعلة حينذاك؟!
- قالت: كأنك تحذرني بارتكاب أخطاء، وتطوعني من الآن لاحتمالها؟!
- قال: لم أقصد ذلك.. بل أحاول أن أفرق بين الهزيمة حينما تكون في حدود عالم الحب، وبعيداً عن الناس.. وبين الهزيمة حينما تصبح بديلاً عن الحب!
- قالت: ماذا تقصد؟!
- قال: أقصد أنك قد تهزمين نفسك أمامي بسبب حبك القوي لي.. ولكنك في داخل نفسك حينذاك تفتشين عن أسلوب القوي لي.. ولكنك في داخل نفسك حينذاك تفتشين عن أسلوب تهزمينني به بسبب حبي لك أيضاً!
- قالت: أحياناً نضطر إلى القوة مع من نحب.. لكننا أبداً لن نهدم بناء الحب الذي شيدناه، ورضينا أن يجمعنا كحياة.. تصبح جنة في التوحد، وتتحول إلى جحيم في الفراق، أو في إهدار الحب بالمنغصات!
- قال: وما شكل تلك القوة؟!
- قالت: النضال من أجل المحافظة على من نحب، والاحتفاظ بجوهره من أن يتشوّه!
- قال: وهذا النضال.. هل هو دفاع عن الحب في أعماقك، أم عن الحب في أعماق من أحببت؟!
- قالت: بل هو دفاع عن الاثنين، لأنهما بالحب ينسجمان فيصبحان واحداً.. ولكني أستغرب استفزازك هذا، فهل أنا لا أستحق الدفاع الحافل بالمتاعب؟!
- قال: إنني لا أستفزك، ولكني بكل ما قلته أفعل الدفاع عن حبنا أمام أية متغيرات نفسية قد تطرأ في زحمة المشاكل والاحتكاك، وحتى لا يتكلف الإحساس بعد ذلك ألم الإحباط!
- قالت: فهمت الآن.. فأنت ترغب في الاحتفاظ بقلبي لديك، دون أن تعطيه الأمان.. كالذي يعبث بوردة، يشمها ويسحقها!
- قال: ذلك موضوع آخر.. ندخل في حوار عنه بعيداً عن خطورة الاتهام، واقتراباً من صدق المكاشفة!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :584  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج