شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( فتح باب الحوار ))
بعد أن ألقى الدكتور حسن بن فهد الهويمل كلمته الرائعة، فتح باب الحوار وكان السائل الأول الأستاذ أمين عبد الوهاب الوصابي رئيس تحرير مجلة بلقيس حيث وجه سؤاله قائلاً:
- دكتور حسن تحدثت اليوم في صحيفة عكاظ وقلت: إن المنتديات الأدبية ما هي إلا حركة وليست تحريكاً للثقافة؛ إذن ما جدوى وجود هذه المنتديات الأدبية إذا لم تكن قادرة على التفاعل وتحريك الحركة الثقافية؟
وأجاب الدكتور حسن على السؤال بقوله:
- والله ما أعرف، ربما فهم الأخ السائل مقولتي على غير مرادي، وآفة الأخبار كما يقولون رواتها؛ والنص يؤخذ بكامل سياقه، فابتسار مقطع من مقاطعه قد يعطي دلالة أخرى غير ما يريد الكاتب؛ أنا في هذه اللحظة لا أستحضر متى قلت هذا الكلام، وما هي المناسبة التي قلت فيها، لكنني أعرف أن الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية هي المطابخ الحقيقية للثقافة ولصناعة الأدب والفكر، ولا يمكن أن يتصور إنسان أن الأدب والفكر إنما هي نوابت تنهض في غير المؤسسات وفي غير بلاطات الأدب.
 
ثم وجه سؤال من الأستاذ نبيل عبد السلام خياط - مدير العلاقات العامة بنادي مكة الثقافي الأدبي - كان نصه:
- ما الهموم الأدبية والفكرية التي تشغلكم هذه الأيام؟
ورد المحتفى به على السؤال قائلاً:
- لعل كلمتي أجابت على هذا التساؤل؛ فالهموم التي تشغل كل إنسان هي هموم الأمة الضائعة، الأمة الضعيفة الأمة التي كما يقول الشاعر:
ويقضي الأمر حين تغيب تيمٌ
ولا يستأمرون وهم حضور
 
- همومي أن هذه الأمة هي تيم الآن في هذا العصر، فأنا أريد أن تكون الأمة لها كلمتها، وأن تكون الأمة تصنع قرارها بنفسها، وأن تكون الأمة مستقلة بفكرها.. ومستقلة بأرضها.. ومستقلة باقتصادها، وأن تكون قادرة على أن تنازع الآخرين على قدم المساواة؛ هذه هي همومي.
 
وسأل أحد الحضور الضيف عن العروس التي أشار إليها الشاعر باعطب في كلمته التي قدم بها لقصيدته.
فأجاب المحتفى به قائلاً:
- الأستاذ الشاعر قدم لي قبل سنوات ديواناً مخطوطاً لأكتب مقدمة له، وكانت مشاغلي وكسلي سبباً في حجز هذا الديوان مدة طويلة، مما حفز الأخ الشاعر بطباعته بمقدمة أخرى، وقد أرسلت - في هذه الأثناء - المقدمة فلم تحظ أو لم تسعد بأن تكون مقدمة لهذا الديوان، ولكنها نشرت فيما بعد في مجلة الفيصل، ثم نشرت - أيضاً - في كتابي: "في الفكر والأدب دراسات وذكريات" فربما كانت هذه هي العروس التي لم أحظ بمعاشرتها.
 
ثم وجَّه الأستاذ عثمان مليباري سؤالاً يقول فيه:
- نشاط أدباء القصيم - أمثال الأساتذة: محمد المسيطر، وإبراهيم الدامغ، وعبد العزيز النقيدان - نشاط هؤلاء الأدباء قلَّ وضعف في السنوات الماضية، فلم نقرأ لهم شعراً ولا نسمع لهم نثراً، وبصفتكم أحد المسؤولين في نادي القصيم الأدبي نسأل: ترى ما هو دور النادي في تنشيط الحركة الأدبية في بلادنا خاصة في ربوع القصيم؛ وفي نشر نتاج الأدباء الَّذين ذكرت أسماءهم؟ ولكم عاطر التحية.
وأجاب الدكتور على ذلك بقوله:
- إنني أتصور أن لكل زمان دولة ورجالاً، هؤلاء برزوا في فترة من الفترات شعراء وكتَّاباً وكان لهم حضور، ثم بعد ذلك تقدمت بهم السن وشغلتهم مطالب الحياة، وانصرفوا عن العطاء وانصرفوا عن الإنتاج، فأصبح لهم فضل الريادة ولغيرهم فضل مواصلة العطاء؛ وأرجو أن ننقل هذا التساؤل إليهم لعلهم يعيدون التفكير في أنفسهم، ويعودون إلى الساحة الأدبية التي تفتقر إلى مثلهم.
 
ثم سأل الأستاذ غياث عبد الباقي الشريقي قائلاً:
- نلاحظ أن كثيراً ممن يمارسون النقد على الساحة الأدبية العربية، يلجؤون إلى نظريات الغرب في هذا الفن، ويستخدمون تلك النظريات وقواعدها في ممارسة أعمالهم النقدية على الشعر العربي والقصة والمقالة الأدبية؛ فما رأيكم في هذا وأنتم رجل أدب ونقد وفكر أصيل؟ وهل - يا سعادة الدكتور - لا يوجد لدينا - كعرب في تراثنا الأدبي المجيد، وفي الدراسات العربية الحاضرة المعاصرة - نظريات للنقد تلائم مجتمعنا وساحاتنا الأدبية؟
وردَّ الدكتور الهويمل على سؤال السائل بقوله:
- السؤال له عدة زوايا، ولكن أتصور أننا بحاجة إلى هؤلاء وإلى غيرهم؛ نحن بحاجة إلى أناس يقرؤون النظريات الأدبية والنظريات النقدية، ويحاولون أن يطرحوها في الساحة لكي تتلاقح مع ما هو موجود في أدبنا، سواء في القديم أو في الحديث.. هذا لا يمنع، لكن الشيء الَّذي نرفضه هو أن يتبنى ناقد أو كاتب مذهباً من المذاهب النقدية، وينفي جميع التيارات الأخرى عربية وغير عربية، ويرى أن هذا المذهب هو المنقذ أو الأصلح للساحة النقدية.
- أما التراث النقدي، فأنا أتصور أن هناك إرهاصات لعدد كبير من النظريات الحديثة؛ لو جئنا - مثلاً - للأدب المقارن سواء في شقه التطبيقي أو في شقه التنظيري، ستكون لنا الريادة في الشق التطبيقي؛ والجاحظ أول من عمل إجراءاً أو أدباً مقارناً إجرائياً..، والطاهر المكي له دراسة عن الجاحظ والأدب المقارن؛ لكن المشكلة أن نظرية الأدب المقارن لم تكن من عند العرب، العرب سبقوا إلى الناحية التطبيقية، وترجموا كثيراً من النظريات، والبلاغة العربية استفادت من البلاغات الأخرى؛ ولو جئنا إلى الأدب المفتوح الَّذي ينادى به الآن في فرنسا، نجد أن الجاحظ هو رائد هذا الأدب المفتوح؛ نأتي - مثلاً - إلى الأسلوبية، نجد أن عبد القاهر الجرجاني له ريادة في هذا الموضوع؛ في معرض الكتاب الجديد عثرت على كتاب ألفه مجموعة من النقاد العرب حول النصوص اللسانية في التراث العربي، وجمع في هذا الكتاب عدد من النصوص للجاحظ، وابن خلدون، والقرطاجني، وقدامة بن جعفر؛ كلها تعتبر إرهاصات لهذه النظريات الحديثة؛ فأدبنا العربي حافل، ولكن كما يقول الدكتور تمام حسان: بأن الأدباء العرب يقدحون الفكرة ولكنهم لا يشعلونها.. فجاء الغرب وأشعل هذه النظريات، ونسينا نحن أمجادنا وتراثنا في ضوء انبهارنا بهذه المستجدات.
 
وسأل الأستاذ عبده قزان قائلاً:
- في الفترة الأخيرة كان خلافكم مع الدكتور عبد الله الغذامي خلافاً ممتعاً في القسوة من طرفيكما، هل يعتبر خلافاً فكرياً؟ فأنت من الَّذين اعتمدوا كتاب الدكتور الغذامي مرجعاً من المراجع لطلابك، أعني كتاب: "الخطيئة والتكفير" لقد آلمنا - كثيراً - ما حدث وأنتما قريبان من قلوبنا، وكانت حواراتكما - في الماضي - تمثل نموذجاً للوعي الخلاق الَّذي ننشده جميعاً ذلك الوعي الَّذي يجذر أسس الحوار البنّاء لنقد أدبي متجدد يثري الساحة النقدية، سيدي أرجو ألا يتحول خلافك الشخصي إلى مجابهة فكرية، تتنصل فيها عن وسطيتك التي عهدناها فيك.
وكان ردّ الدكتور على هذا السؤال قوله:
- شكراً.. والله يا أخي لا أستطيع أن أقول: لو كان الدكتور عبد الله الغذامي موجوداً لتحدثت، ولكن عندما يكون غائباً لا أستطيع أن أستأثر بالموقف.
- الدكتور عبد الله الغذامي صديق عزيز ومن منطقتي وبلدي، وليس بيني وبينه خلاف شخصي، هو - فعلاً - خلاف فكر وخلاف أدب؛ ثم بدايتي مع الدكتور عبد الله الغذامي أنني قدمت دراسة نقدية لمحاضرتين، المحاضرة الأولى: "الإنسان بوصفه لغة"، ونشرت في حلقتين، والمحاضرة الثانية: "الخيال الشعبي في الشعر" ونشرت - أيضاً - في حلقتين.. وكانت الدراسات دراسات موضوعية حيدت الدكتور عبد الله وناقشت المحاضرات مناقشة موضوعية علمية، ففوجئت بالدكتور عبد الله يكتب كلمة هجائية شخصية، تحت عنوان: الهويمل إذا أهمل.. وكنت أعرف من خلال خلطي بالدكتور عبد الله أنه يحاول بهذه المفاجأة أن يسكت الخصم أو يرهبه أو يخيفه؛ وفعلاً هو نجح مع كثير من النقاد، يعني ما يسمى بالضربة القاضية؛ فحاولت أن أرد عليه بأسلوبه، وكتبت: على رسلك يا غذامي في جريدة الرياض ونشر هذا الرد؛ وكان هو قد بدأ سلسلة من الرد في حلقة أخرى ما بعد الشخصي.
- الدكتور عبد الله بخطئه أمام زملائه وفي الجريدة وفي خطاب خاص أرسله لي، وتوقف عن مواصلة حديثه النقدي فتوقفت عن ذلك؛ فأنا لم أتجنَّ على الدكتور عبد الله ولم أخطئ عليه، أنا رجل - فعلاً - قدمت دراسة نقدية موضوعية وطلبت منه أن يدخل معي في حوارٍ نقدي، وكنت - أيضاً - قد أعددت دراسة حول كتابه: "الخطيئة والتكفير" تحت عنوان: "خطيئة الخطيئة" ولما توقف هو وأبدى رغبة التوقف أوقفت حملتي عليه، فأنا لم أواصل الاعتداء عليه ويسوءني أن يستاء مني، وأنا في هذا العام وجهت له دعوة لاستضافته في نادي القصيم الأدبي وإلقاء محاضرة، ولا أتصور أن الاختلاف في وجهات النظر تناول العلاقات الشخصية، إذا كان هو - أو غيره - يريد أن يجعلها علاقات شخصية فهذا رأيه؛ وشكراً.
 
وقدم الدكتور محمود حسن زيني - الأستاذ في جامعة أم القرى - السؤال التالي:
- لقد شاركت بقلمك البارع في الحركة الأدبية والنقدية، وبرزت ناقداً موضوعياً غير منحاز للغير وغير كاره للفكر، ولكنك أثبت فكر الناقد العربي الإِسلامي، فماذا بعد المشاكسات مع نقداتكم الإيجابية ولم يفهمكم المشاكسون، أتؤثرون المهادنة إلى حين أم تبيتون جولة - أو جولات - مع مستوردي الآراء والأفكار والمذاهب النقدية الغربية؟
وأجاب المحتفى به قائلاً:
- والله لا أتصور أن الأمر بهذا المستوى من الحدة والتحفز، وأيضاً أنا لا أتصور أننا بلغنا في التعددية الفكرية - عندنا - إلى مرحلة تتطلب الاستعداد التام؛ هي موجات طارئة وأعرف - تماماً - أنها ستزول، وقلت هذا في مقدمة محاضرتي - التي طبعت -: الحداثة بين التعمير والتدمير؛ فنحن نعرف أن السوريالية دخلت الوطن العربي وكان لها أنصارها وروادها وانقرضت الآن ليس لها ذكر.
- الوجودية دخلت - أيضاً - وتبناها أساطين الفكر.. كعبد الرحمن بدوي، وأنيس منصور، وغيرهم.. وطنطنوا حولها وانطوت وذهبت.
- الرمزية كان لها أنصارها: البير أديب، وأنشأ مجلة وكان له أتباع حتى من الأدباء والشعراء السعوديين، كمحمد عمر الرميح، وعبد الرحمن المنصور، ونصر بو حيمد، وغيرهم..، وانطوت وذهبت وليس لها أي أثر.
- وقل مثل ذلك عن الدادية، والمستقبلية، والتعبيرية، والفلسفة الوضعية، والبنيوية، والحداثة، وما بعد الحداثة، وما بعد البنيوية.. والتفكيكية.. والتحويلية..، كل هذه موجات وموضات تمر مر السحاب، ولكن الغيورين على دينهم وعلى فكرهم يتحمسون ويظنون بأن هذه المبادئ سيكون لها جذور وستتأصل، وأنا أتصور أنها ما هي إلاَّ جداول تصب في بحر لجي ستضيع وستنتهي لأنها ليست من بضاعتنا، ولا تستجيب لرغباتنا، ولا تتناغم مع أهدافنا وطموحاتنا، ولا تطرب أذواقنا..، هي موجات فقط وهذه سنَّة الحياة كما يقول ابن خلدون: "من طبيعة المغلوب أن يقلد الغالب" نحن نتعشق هذه المذاهب لأننا مغلوبون، فما أتصور أن مثل هذه المذاهب سيكون لها جذور وسيكون لها وجود، - فقط - أنا أتحرق على أولئك الَّذين يضيعون زهرة شبابهم ويضيعون جهدهم في الترويج لهذه المذاهب، ثم تضيع هذه المذاهب سدى وتضيع أعمالهم سدى؛ انظر كم هي التراكمات التي كتبت عن الشيوعية وعن الاشتراكية العربية، أين هم الآن وأين كتبهم؟ خانتهم اشتراكيتهم أو خانتهم المذاهب التي اعتنقوها؛ الآن الناس الَّذين يكتبون فيها والَّذين يمجدونها، يفكرون في إعادة صياغة أفكارهم وصياغة مبادئهم؛ فأنا أتصور أن هذه موجات تمر مثل ما تلتطم الأمواج على سفوح الجبال فلا تزيدها إلاَّ نصاعةً، ولا تزيدها إلاَّ تألقاً.
 
ثم وُجِّه سؤال من الأستاذ عجلان أحمد الشهري نصه:
- طالما أن هذه همومكم نحو وضع الأمة التي شبهتموها بـ (تيم) هذا الزمان، لم لا تسخرون أقلامكم السيالة - أنتم ومن معكم من الأدباء - في الصحف المحلية لإيقاظ الأمة إلى خطر ينتظرها، وما يجب على الأدباء والأفراد في المجتمع من واجبات ومسؤوليات؟
فردّ المحتفى به قائلاً:
- الله يا أخي هذا واجب ما في ذلك شك، وكل إنسان مطالب بأن يوظف جهده وماله وفكره لخدمة قضيته الكبرى.. قضيته الإِسلامية؛ وأتصور أن المقتدرين يسهمون ولكنهم يسهمون بجهد المقل؛ أما من ناحيتي: فما زلت أعيش في هذه الساحة (والحمد لله) وأكتب ما أستطيع الإسهام به - إن شاء الله -.
 
وقدم الأستاذ علي محمد الشهري سؤاله التالي:
- كان لك موقف من الحداثة بصفتك مفكراً، هل تعتقد أن الحرية الفكرية تحجمها أو تثريها، وإذا نبذنا منها التشويش العقائدي ألا تعتقد أن فيها أدباً تنصح بقراءته؟
وأجاب الدكتور الهويمل قائلاً:
- أولاً: السؤال من شقين عن مفهوم الحرية والحداثة، المشكلة أننا نفهم الحرية على غير مراد الإِسلام، الحرية الإِسلامية حرية منضبطة كذلك يجب أن نفهم الحرية كما يقتضيها الإِسلام وهي الحرية المنضبطة وليس الحرية الفوضوية، فأنا أسمع - دائماً - بعض الكُتَّاب ينادون بحرية الفكر وحرية الرأي، وحرية كذا..، نعم الحرية مطلوبة وهي حق مشروع، عمر بن الخطاب يقول: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.. لكنها يجب أن تكون حرية منضبطة ما دمت أنت مسلماً وتعتز بإسلامك، ولا تساوم على عقيدتك، فيجب أن نأخذ الحرية كما يريدها الإِسلام وكما يقتضيها، فيأتي إنسان - مثلاً - يتناول ثوابتنا الإِسلامية فيهزأ بالقرآن أو يهزأ بالله، أو يهزأ بالأشياء الثابتة القطعية الدلالة والثبوت.. ثم يقول هذه حرية، ليست هذه حرية هذا عبث وإلحاد.
- نحن نريد - أولاً - أن نفهم الحرية كما يقتضيها الإِسلام ثم نتيحها للآخرين، فحرية الفكر يجب أن تكون حرية وفق المقتضى الإِسلامي، يأتي إنسان ينال الذات الإلهية فيسخر بالثوابت الدينية ويحتمي بمفهوم حرية الفكر، هذا خطأ، فالأساس أنك مسلم وملتزم قبل أن تطالب بالحرية يجب أن تعرف ما هو الفكر الَّذي تنتمي إليه، فإذا كنت تنتمي إلى الفكر الإِسلامي فيجب أن تتقيد بهذا الفكر وأن تلتزم بهذا الفكر، وأن تتمتع بالحرية التي أتاحها لك هذا الفكر، فليست حرية الرأي. أو حرية الفكر كما ينادي بها مثل جابر عصفور، أو فرج فودة، أو غيرهم من العلمانيين أو القوميين..، نحن بحاجة إلى أن نفهم الحرية المنضبطة ثم بعد ذلك ننطلق لحريتنا؛ هذه واحدة.
- أما موضوع الحداثة، فالحداثة - كما يقتضيها المصطلح الغربي - هي حداثة فكر وليست حداثة فن، وهذه مرفوضة لأنها تصادم الثوابت، أما الحداثة الفنية فهذه نتملك معها أرضية مشتركة، يمكن أن نحاورها، ويمكن أن نأخذ منها ونعطي، نقبل منها ما ينسجم مع ذاتنا، وما ينسجم مع ثوابتنا، وينسجم مع ما نتطلبه كأمة عربية إسلامية لها تاريخ.. ولها ماضٍ.. ولها أمجاد..، فما أتصور أننا نختلف مع حداثة الفن، أو أستطيع أن أقول: إننا لا نرفض حداثة الفن بل نحاور هذه الحداثة ونرفض ما لا ينسجم مع ثوابتنا.
- أما حداثة الفكر فهي حداثة منحرفة عقائدياً، ويجب على الإنسان الَّذي يساوره الشك في هذا الأمر أن يقرأ لرموز الحداثة ولا يقرأ للإسلاميين قولهم عن الحداثة، بل يقرأ لرموز الحداثة.. يقرأ لأدونيس، ويقرأ للماغوط، يقرأ ليوسف الحاج، ويقرأ للخالى، ويقرأ لكل هؤلاء الَّذين طرحوا هذا المشروع الحضاري ثم يعرض هذا على ثوابته الدينية؛ فإذا قبلت هذه الأشياء يقبلها وإذا لم تقبلها هذه الثوابت فليس أمامه إلاَّ أن ينحل من دينه ويركب هذه الموجة، أو يعود إلى دينه ويرفض هذه الموجة.
 
ووجَّه سؤال من الأستاذ عبد المجيد الزهراء تعقيباً على ما ذكره صاحب الاثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجه عن الكتاب وهمومه ومشكلاته جاء فيه:
- أود أن أغتنم وجودكم بصفتكم رئيساً لنادٍ أدبي، وكذلك وجود الأستاذ محمد هاشم رشيد رئيس نادي المدينة المنوَّرة الأدبي لأسأل عن الأندية الأدبية ودورها في تيسير حصول المثقفين على الكتب بأسعار معقولة، سواء الكتب التي تطبعها الأندية أم غيرها، لماذا لا توزع بأسعار معقولة بسعر التكلفة مثلاً؟
 
وردَّ المحتفى به قائلاً:
- شكراً للسائل، في آخر مؤتمر لرؤساء الأندية الأدبية في المملكة عقد في القصيم اقترح - أو قرر - الأخوة رؤساء الأندية أن يقام في كل نادٍ معرض دائم لمطبوعات الأندية، وأن تباع هذه الكتب من قبل النادي بأسعار رمزية.. أي ما يساوي تكلفة الكتاب؛ والَّذي أعرفه أن جميع الأندية قد أقامت هذه المعارض وهو موجود في نادي القصيم الأدبي ونبيع مطبوعات الأندية بأسعار رمزية، ثم إن الأندية الأدبية تهدي حقيقة، كل إنسان يطلب من الأندية الأدبية إهداء أو يزور الأندية الأدبية تهدي له مطبوعات، فليس هدف الأندية الأدبية الاستفادة من المطبوعات، لأن الإعانات التي تدفع للأندية تغطي نفقات الطباعة؛ فأتصور أن القضية فيها سوء في التوزيع فقط، وليس في نية الأندية الأدبية حجب الكتب عن أديب يرغب في الحصول على المطبوعات؛ أنا لا أذكر أن أحداً كتب لنادي القصيم يطلب إهداء إلاَّ ونهدي له المتوفر من المطبوعات، ولا أذكر أن أحداً زار نادي القصيم إلاَّ ونهدي له المتوفر من المطبوعات، ولا أظن الأندية الأدبية في المملكة تقل عن نادي القصيم في إهدائه للمطبوعات، فقط؛ أتصور أن القضية خطأ أو فشل أو ضعف في عملية التوزيع وهذا الخطأ عام.
 
- الكتاب السعودي - بالذات - يعاني من هذه المشكلة، ونحن خارج المملكة لا نقرأ والسبب في ذلك عدم التواصل وعدم قدرتنا على إيصال إنتاجنا وكتبنا إلى الدول العربية، بينما نجد الكتب المطبوعة في الدول العربية موجودة في البقالات وفي المكتبات الصغيرة؛ فهذا العيب هو ليس عيب الأندية الأدبية، هذه قضية الدولة ككل، وأنا - دائماً - أنحي باللائمة على الملحقيات الثقافية في سفاراتنا، لأنها لا تعدو أن تكون مجموعة من الكتبة الَّذين يديرون بعض الأعمال الإدارية، في حين أن الملحقيات الثقافية في السفارات الأخرى تتواصل مع الأدباء، وتهدي للأدباء المطبوعات والكتب والنشرات وغيرها..، وتقدمت في الحقيقة بعرض للجهات المسؤولة وقلت: يجب أن تزود الملحقيات الثقافية بأدباء سعوديين يحملون هم التواصل والتوصيل، وأن تقوم الملحقيات الثقافية بشراء مجموعة كبيرة من المطبوعات وتوزيعها على الأدباء؛ وأنتم لا تعرفون فجيعة غربتنا الأدبية في الوطن العربي إلاَّ لو اختلطتم بالأدباء وحضرتم المؤتمرات، حقيقة: نحن نعيش في عزلة مع أننا نمتلك القدرة على أن نصل لكل الأدباء ونصل إلى كل المهتمين، ولكن فقط عملية خطأ في مشاريعنا التوصيلية وما نسميه التسويق والتوزيع.
وكان السؤال الأخير من الأستاذ هشام قنديل من بيت التشكيليين يقول فيه:
- الملاحظ على النقد والنقاد إهمال جانب ثقافي هام هو الإبداع الفني، نقصد بالسؤال هنا: لماذا يغيب النقد الأدبي عن الفن التشكيلي، وما مدى اهتمامات الدكتور حسن بالفن التشكيلي، خصوصاً أنه قريب الصلة بالأدب، بل إنه ملتصق به، مع العلم أن الأجناس الإبداعية أصبحت واحدة في العصر الحالي؟
وكان ردّ الدكتور هو الآتي:
- والله يا أخي أنا أتذوق الرسم أو الفن التشكيلي كما تقول، وتعجبني بعض اللوحات التعبيرية، لكن أتصور أن مثل هذا الفن يحتاج إلى أرضية تتناغم معه لأنه فن غريب على وطننا، وبخاصة عندما تعرف موقف الإِسلام من رسم ذوات الأرواح وغيرها..، وهذا ينسحب على الفن التشكيلي عامة، بينما الإِسلام لا يمنع التعبير بالصورة ولا غير ذات روح - طبعاً - ولا يمنع التعبير بالصوت ولا يمنع التعبير بالكلمة، فالإِسلام يحترم الفن وأتصور أن عدم قيامنا بهذا الجانب من الفن ليس رفضاً لهذا الفن، ولكنه عجز في فهمه والتفاعل معه.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :534  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 106 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج